وَرُكِزَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَجُونِ عِنْدَ مَسْجِدِ الْفَتْحِ.
ثُمَّ نَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَخَلْفَهُ وَحَوْلَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَأَقْبَلَ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ، وَفِي يَدِهِ قَوْسٌ، وَحَوْلَ الْبَيْتِ وَعَلَيْهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِالْقَوْسِ وَيَقُولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: ٨١] الْإِسْرَاءِ: ٨١] ، {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: ٤٩] [سَبَأٍ:٤٩] ، وَالْأَصْنَامُ تَتَسَاقَطُ عَلَى وُجُوهِهَا.
وَكَانَ طَوَافُهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا يَوْمَئِذٍ فَاقْتَصَرَ عَلَى الطَّوَافِ فَلَمَّا أَكْمَلَهُ، دَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ، فَأَخَذَ مِنْهُ مِفْتَاحَ الْكَعْبَةِ، فَأَمَرَ بِهَا فَفُتِحَتْ فَدَخَلَهَا فَرَأَى فِيهَا الصُّوَرَ وَرَأَى فِيهَا صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ يَسْتَقْسِمَانِ بِالْأَزْلَامِ، فَقَالَ: " «قَاتَلَهمُ اللَّهُ وَاللَّهِ إِنِ اسْتَقْسَمَا بِهَا قَطُّ» ".
وَرَأَى فِي الْكَعْبَةِ حَمَامَةً مِنْ عَيْدَانٍ، فَكَسَرَهَا بِيَدِهِ، وَأَمَرَ بِالصُّوَرِ فَمُحِيَتْ.
ثُمَّ أَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ وَعَلَى أسامة وبلال، فَاسْتَقْبَلَ الْجِدَارَ الَّذِي يُقَابِلُ الْبَابَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَدْرُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَقَفَ وَصَلَّى هُنَاكَ، ثُمَّ دَارَ فِي الْبَيْتِ، وَكَبَّرَ فِي نَوَاحِيهِ، وَوَحَّدَ اللَّهَ، ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ، وَقُرَيْشٌ قَدْ مَلَأَتِ الْمَسْجِدَ صُفُوفًا يَنْتَظِرُونَ مَاذَا يَصْنَعُ، فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ وَهُمْ تَحْتَهُ، فَقَالَ: " «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute