للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَضَى مالك بن عوف حَتَّى تَحَصَّنَ بِحِصْنِ ثَقِيفٍ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسَّبْيِ وَالْغَنَائِمِ أَنْ تُجْمَعَ، فَجُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَوَجَّهُوهُ إِلَى الْجِعِرَّانَةِ، وَكَانَ السَّبْيُ سِتَّةَ آلَافِ رَأْسٍ، وَالْإِبِلُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا، وَالْغَنَمُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ أَلْفَ شَاةٍ، وَأَرْبَعَةَ آلَافِ أُوقِيَّةً فِضَّةً، فَاسْتَأْنَى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقْدَمُوا عَلَيْهِ مُسْلِمِينَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.

أَوَّلُ النَّاسِ مِنْهُمْ أَبُو سُفْيَانَ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ]

ثُمَّ بَدَأَ بِالْأَمْوَالِ فَقَسَمَهَا، وَأَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ أَوَّلَ النَّاسِ، فَأَعْطَى أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، وَمِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، فَقَالَ: ابْنِي يزيد؟ فَقَالَ: " أَعْطُوهُ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً وَمِائَةً مِنَ الْإِبِلِ "، فَقَالَ: ابْنِي معاوية؟ قَالَ " أَعْطُوهُ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، وَمِائَةً مِنَ الْإِبِلِ "، وَأَعْطَى حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، ثُمَّ سَأَلَهُ مِائَةً أُخْرَى فَأَعْطَاهُ، وَأَعْطَى النضر بن الحارث بن كلدة مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى العلاء بن حارثة الثقفي خَمْسِينَ، وَذَكَرَ أَصْحَابَ الْمِائَةِ - وَأَصْحَابَ الْخَمْسِينَ - وَأَعْطَى العباس بن مرداس أَرْبَعِينَ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا، فَكَمَّلَ لَهُ الْمِائَةَ. ثُمَّ أَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ بِإِحْصَاءِ الْغَنَائِمِ وَالنَّاسِ، ثُمَّ فَضَّهَا عَلَى النَّاسِ، فَكَانَتْ سِهَامُهُمْ لِكُلِّ رَجُلٍ أَرْبَعًا مِنَ الْإِبِلِ وَأَرْبَعِينَ شَاةً. فَإِنْ كَانَ فَارِسًا أَخَذَ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَعِشْرِينَ وَمِائَةَ شَاةٍ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا فِي قُرَيْشٍ، وَفِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَجَدَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِمُ الْقَالَةُ، حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ: لَقِيَ وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْمَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ وَجَدُوا عَلَيْكَ فِي أَنْفُسِهِمْ لِمَا صَنَعْتَ فِي هَذَا الْفَيْءِ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>