للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

وَفِي " صَحِيحِ مسلم ": «ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهَا فِي وُجُوهِ الْكُفَّارِ، ثُمَّ قَالَ: (انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ) فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَمَاهُمْ، فَمَا زِلْتُ أَرَى حَدَّهُمْ كَلِيلًا، وَأَمْرَهُمْ مُدْبِرًا» .

وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «إِنَّهُ نَزَلَ عَنِ الْبَغْلَةِ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، وَقَالَ: (شَاهَتِ الْوُجُوهُ) ، فَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُمْ إِنْسَانًا إِلَّا مَلَأَ عَيْنَيْهِ تُرَابًا بِتِلْكَ الْقَبْضَةِ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ» .

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ - قَبْلَ هَزِيمَةِ الْقَوْمِ وَالنَّاسُ يَقْتَتِلُونَ يَوْمَ حُنَيْنٍ - مِثْلَ الْبِجَادِ الْأَسْوَدِ، أَقْبَلَ مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى سَقَطَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا نَمْلٌ أَسْوَدُ مَبْثُوثٌ قَدْ مَلَأَ الْوَادِيَ، فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا هَزِيمَةَ الْقَوْمِ، فَلَمْ أَشُكَّ أَنَّهَا الْمَلَائِكَةُ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ أَتَوُا الطَّائِفَ، وَمَعَهُمْ مالك بن عوف، وَعَسْكَرَ بَعْضُهُمْ بِأَوْطَاسٍ، وَتَوَجَّهَ بَعْضُهُمْ نَحْوَ نَخْلَةَ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آثَارِ مَنْ تَوَجَّهَ قِبَلَ أَوْطَاسٍ أبا عامر الأشعري، فَأَدْرَكَ مِنَ النَّاسِ بَعْضَ مَنِ انْهَزَمَ فَنَاوَشُوهُ الْقِتَالَ، فَرُمِيَ بِسَهْمٍ فَقُتِلَ، فَأَخَذَ الرَّايَةَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَهُوَ ابْنُ أَخِيهِ، فَقَاتَلَهُمْ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، وَقَتَلَ قَاتِلَ أبي عامر، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لعبيد أبي عامر وَأَهْلِهِ، وَاجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ» ) ، وَاسْتَغْفَرَ لأبي موسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>