للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أنس: أَقَامَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَامَهُرْمُزَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ

وَقَالَ الحسن: أَقَمْتُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ بِكَابُلَ سَنَتَيْنِ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَلَا يَجْمَعُ

وَقَالَ إبراهيم: كَانُوا يُقِيمُونَ بِالرَّيِّ السَّنَةَ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَسِجِسْتَانَ السَّنَتَيْنِ

فَهَذَا هَدْيُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ كَمَا تَرَى، هُوَ الصَّوَابُ

وَأَمَّا مَذَاهِبُ النَّاسِ:

فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إِذَا نَوَى إِقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَتَمَّ، وَإِنْ نَوَى دُونَهَا قَصَرَ، وَحَمَلَ هَذِهِ الْآثَارَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ لَمْ يُجْمِعُوا الْإِقَامَةَ الْبَتَّةَ، بَلْ كَانُوا يَقُولُونَ: الْيَوْمَ نَخْرُجُ، غَدًا نَخْرُجُ

وَفِي هَذَا نَظَرٌ لَا يَخْفَى، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَحَ مَكَّةَ ـ وَهِيَ مَا هِيَ ـ وَأَقَامَ فِيهَا يُؤَسِّسُ قَوَاعِدَ الْإِسْلَامِ وَيَهْدِمُ قَوَاعِدَ الشِّرْكِ وَيُمَهِّدُ أَمْرَ مَا حَوْلَهَا مِنَ الْعَرَبِ، وَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّ هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى إِقَامَةِ أَيَّامٍ لَا يَتَأَتَّى فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَلَا يَوْمَيْنِ، وَكَذَلِكَ إِقَامَتُهُ بِتَبُوكَ، فَإِنَّهُ أَقَامَ يَنْتَظِرُ الْعَدُوَّ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ قَطْعًا أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عِدَّةُ مَرَاحِلَ يَحْتَاجُ قَطْعُهَا إِلَى أَيَّامٍ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يُوَافُونَ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَكَذَلِكَ إِقَامَةُ ابْنِ عُمَرَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ مِنْ أَجْلِ الثَّلْجِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الثَّلْجِ لَا يَتَحَلَّلُ وَيَذُوبُ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِحَيْثُ تَنْفَتِحُ الطُّرُقُ، وَكَذَلِكَ إِقَامَةُ أنس بِالشَّامِ سَنَتَيْنِ يَقْصُرُ، وَإِقَامَةُ الصَّحَابَةِ بِرَامَهُرْمُزَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُونَ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْحِصَارِ وَالْجِهَادِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْقَضِي فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُ أحمد: إِنَّهُ لَوْ أَقَامَ لِجِهَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>