بِبَيْتِ اللَّهِ قَبْلَ بَيْتِهِ، فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسُ لِلْمُسَلِّمِينَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى أَهْلِهِ
وَمِنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْبَلُ عَلَانِيَةَ مَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، وَيَكِلُ سَرِيرَتَهُ إِلَى اللَّهِ، وَيُجْرِي عَلَيْهِ حُكْمَ الظَّاهِرِ، وَلَا يُعَاقِبُهُ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْ سِرِّهِ
وَمِنْهَا: تَرْكُ الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ رَدَّ السَّلَامِ عَلَى مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا ; تَأْدِيبًا لَهُ وَزَجْرًا لِغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ رَدَّ عَلَى كعب، بَلْ قَابَلَ سَلَامَهُ بِتَبَسُّمِ الْمُغْضَبِ
وَمِنْهَا: أَنَّ التَّبَسُّمَ قَدْ يَكُونُ عَنِ الْغَضَبِ كَمَا يَكُونُ عَنِ التَّعَجُّبِ وَالسُّرُورِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُوجِبُ انْبِسَاطَ دَمِ الْقَلْبِ وَثَوَرَانَهُ، وَلِهَذَا تَظْهَرُ حُمْرَةُ الْوَجْهِ لِسُرْعَةِ ثَوَرَانِ الدَّمِ فِيهِ، فَيَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ السُّرُورُ، وَالْغَضَبُ تَعَجُّبٌ يَتْبَعُهُ ضَحِكٌ وَتَبَسُّمٌ، فَلَا يَغْتَرُّ الْمُغْتَرُّ بِضَحِكِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ، وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْمَعْتَبَةِ كَمَا قِيلَ
إِذَا رَأَيْتَ نُيُوبَ اللَّيْثِ بَارِزَةً ... فَلَا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَّيْثَ مُبْتَسِمُ
وَمِنْهَا: مُعَاتَبَةُ الْإِمَامِ وَالْمُطَاعِ أَصْحَابَهُ وَمَنْ يَعِزُّ عَلَيْهِ وَيَكْرُمُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ عَاتَبَ الثَّلَاثَةَ دُونَ سَائِرِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ مِنْ مَدْحِ عِتَابِ الْأَحِبَّةِ وَاسْتِلْذَاذِهِ وَالسُّرُورِ بِهِ، فَكَيْفَ بِعِتَابِ أَحَبِّ الْخَلْقِ عَلَى الْإِطْلَاقِ إِلَى الْمَعْتُوبِ عَلَيْهِ، وَلِلَّهِ مَا كَانَ أَحْلَى ذَلِكَ الْعِتَابَ وَمَا أَعْظَمَ ثَمَرَتَهُ وَأَجَلَّ فَائِدَتَهُ، وَلِلَّهِ مَا نَالَ بِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَسَرَّاتِ وَحَلَاوَةِ الرِّضَا وَخِلَعِ الْقَبُولِ
وَمِنْهَا: تَوْفِيقُ اللَّهِ لكعب وَصَاحِبَيْهِ فِيمَا جَاءُوا بِهِ مِنَ الصِّدْقِ، وَلَمْ يَخْذُلْهُمْ حَتَّى كَذَبُوا وَاعْتَذَرُوا بِغَيْرِ الْحَقِّ، فَصَلُحَتْ عَاجِلَتُهُمْ وَفَسَدَتْ عَاقِبَتُهُمْ كُلَّ الْفَسَادِ، وَالصَّادِقُونَ تَعِبُوا فِي الْعَاجِلَةِ بَعْضَ التَّعَبِ فَأَعْقَبَهُمْ صَلَاحَ الْعَاقِبَةِ وَالْفَلَاحَ كُلَّ الْفَلَاحِ، وَعَلَى هَذَا قَامَتِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ، فَمَرَارَاتُ الْمُبَادِي حَلَاوَاتٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute