وَدَعَا إِلَيْهِ الْأَوْزَاعِيُّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ فِي مَسْأَلَةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَهَذَا مِنْ تَمَامِ الْحُجَّةِ.
وَمِنْهَا: جَوَازُ صُلْحِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى مَا يُرِيدُ الْإِمَامُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَمِنَ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا، وَيُجْرَى ذَلِكَ مَجْرَى ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِجِزْيَةٍ، بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ جِزْيَةً عَلَيْهِمْ يَقْتَسِمُونَهَا كَمَا أَحَبُّوا، وَلَمَّا بَعَثَ معاذا إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا، أَوْ عَدْلَهُ مَعَافِرِيًّا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّ أَهْلَ نَجْرَانَ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُسْلِمٌ، وَكَانُوا أَهْلَ صُلْحٍ، وَأَمَّا الْيَمَنُ فَكَانَتْ دَارَ الْإِسْلَامِ، وَكَانَ فِيهِمْ يَهُودُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبَ الْجِزْيَةَ عَلَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَالْفُقَهَاءُ يَخُصُّونَ الْجِزْيَةَ بِهَذَا الْقِسْمِ دُونَ الْأَوَّلِ، وَكِلَاهُمَا جِزْيَةٌ، فَإِنَّهُ مَالٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الْكُفَّارِ عَلَى وَجْهِ الصَّغَارِ فِي كُلِّ عَامٍ.
مِنْهَا: جَوَازُ ثُبُوتِ الْحُلَلِ فِي الذِّمَّةِ، كَمَا تَثْبُتُ فِي الدِّيَةِ أَيْضًا، وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ ثُبُوتُهَا فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدِ السَّلَمِ وَبِالضَّمَانِ وَبِالتَّلَفِ، كَمَا تَثْبُتُ فِيهَا بِعَقْدِ الصَّدَاقِ وَالْخُلْعِ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ مُعَاوَضَتُهُمْ عَلَى مَا صَالَحُوا عَلَيْهِ مِنَ الْمَالِ بِغَيْرِهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِحِسَابِهِ.
وَمِنْهَا: اشْتِرَاطُ الْإِمَامِ عَلَى الْكُفَّارِ أَنْ يُؤْوُوا رُسُلَهُ وَيُكْرِمُوهُمْ، وَيُضَيِّفُوهُمْ أَيَّامًا مَعْدُودَةً.
وَمِنْهَا: جَوَازُ اشْتِرَاطِهِ عَلَيْهِمْ عَارِيَةَ مَا يَحْتَاجُ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِ مِنْ سِلَاحٍ، أَوْ مَتَاعٍ، أَوْ حَيَوَانٍ، وَأَنَّ تِلْكَ الْعَارِيَةَ مَضْمُونَةٌ، لَكِنْ هَلْ هِيَ مَضْمُونَةٌ بِالشَّرْطِ أَوْ بِالشَّرْعِ؟ هَذَا مُحْتَمَلٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ، وَقَدْ صَرَّحَ هَاهُنَا بِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالرَّدِّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِضَمَانِ التَّلَفِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُقِرُّ أَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى الْمُعَامَلَاتِ الرَّبَوِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا حَرَامٌ فِي دِينِهِمْ، وَهَذَا كَمَا لَا يُقِرُّهُمْ عَلَى السُّكْرِ، وَلَا عَلَى اللُّوَاطِ وَالزِّنَى، بَلْ يَحُدُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute