فَجَعَلَ يَضَعُ مَوْضِعَ اللَّدْغَةِ فِي الْمَاءِ وَالْمِلْحِ، وَيَقْرَأُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حَتَّى سَكَنَتْ» ) .
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعِلَاجُ بِالدَّوَاءِ الْمُرَكَّبِ مِنَ الْأَمْرَيْنِ: الطَّبِيعِيِّ وَالْإِلَهِيِّ، فَإِنَّ فِي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ مِنْ كَمَالِ التَّوْحِيدِ الْعِلْمِيِّ الِاعْتِقَادِيِّ، وَإِثْبَاتِ الْأَحَدِيَّةِ لِلَّهِ، الْمُسْتَلْزِمَةِ نَفْيَ كُلِّ شَرِكَةٍ عَنْهُ، وَإِثْبَاتِ الصَّمَدِيَّةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِإِثْبَاتِ كُلِّ كَمَالٍ لَهُ مَعَ كَوْنِ الْخَلَائِقِ تَصْمُدُ إِلَيْهِ فِي حَوَائِجِهَا، أَيْ: تَقْصِدُهُ الْخَلِيقَةُ وَتَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ عُلْوِيُّهَا وَسُفْلِيُّهَا، وَنَفْيِ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ، وَالْكُفْءِ عَنْهُ الْمُتَضَمَّنِ لِنَفْيِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَالنَّظِيرِ وَالْمُمَاثِلِ مِمَا اخْتَصَّتْ بِهِ وَصَارَتْ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، فَفِي اسْمِهِ الصَّمَدِ إِثْبَاتُ كُلِّ الْكَمَالِ، وَفِي نَفْيِ الْكُفْءِ التَّنْزِيهُ عَنِ الشَّبِيهِ وَالْمِثَالِ. وَفِي الْأَحَدِ نَفْيُ كُلِّ شَرِيكٍ لِذِي الْجَلَالِ، وَهَذِهِ الْأُصُولُ الثَّلَاثَةُ هِيَ مَجَامِعُ التَّوْحِيدِ.
وَفِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، فَإِنَّ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ تَعُمُّ كُلَّ شَرٍّ يُسْتَعَاذُ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْأَجْسَامِ، أَوِ الْأَرْوَاحِ.
وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ الْغَاسِقِ وَهُوَ اللَّيْلُ، وَآيَتِهِ وَهُوَ الْقَمَرُ إِذَا غَابَ، تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ مَا يَنْتَشِرُ فِيهِ مِنَ الْأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ، الَّتِي كَانَ نُورُ النَّهَارِ يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِانْتِشَارِ، فَلَمَّا أَظْلَمَ اللَّيْلُ عَلَيْهَا وَغَابَ الْقَمَرُ انْتَشَرَتْ وَعَاثَتْ.
وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ السَّوَاحِرِ وَسِحْرِهِنَّ.
وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ الْحَاسِدِ تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنَ النُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ الْمُؤْذِيَةِ بِحَسَدِهَا وَنَظَرِهَا.
وَالسُّورَةُ الثَّانِيَةُ تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ فَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute