وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَفْضِيلِهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهَا أُمُّ الْقُرَى، فَالْقُرَى كُلُّهَا تَبَعٌ لَهَا وَفَرْعٌ عَلَيْهَا، وَهِيَ أَصْلُ الْقُرَى، فَيَجِبُ أَلَّا يَكُونَ لَهَا فِي الْقُرَى عَدِيلٌ، فَهِيَ كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ (الْفَاتِحَةِ) أَنَّهَا أُمُّ الْقُرْآنِ، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا فِي الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ عَدِيلٌ.
وَمِنْ خَصَائِصِهَا أَنَّهَا لَا يَجُوزُ دُخُولُهَا لِغَيْرِ أَصْحَابِ الْحَوَائِجِ الْمُتَكَرِّرَةِ إِلَّا بِإِحْرَامٍ، وَهَذِهِ خَاصِّيَّةٌ لَا يُشَارِكُهَا فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْبِلَادِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَلَقَّاهَا النَّاسُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ مَرْفُوعًا ( «لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مَكَّةَ إِلَّا بِإِحْرَامٍ، مِنْ أَهْلِهَا وَمِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا» ) ذَكَرَهُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، وَلَكِنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَاةَ فِي الطَّرِيقِ، وَآخَرَ قَبْلَهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ.
وَلِلْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: النَّفْيُ، وَالْإِثْبَاتُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ هُوَ دَاخِلُ الْمَوَاقِيتِ وَمَنْ هُوَ قَبْلَهَا، فَمَنْ قَبْلَهَا لَا يُجَاوِزُهَا إِلَّا بِإِحْرَامٍ، وَمَنْ هُوَ دَاخِلُهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة، وَالْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ لِلشَّافِعِيِّ وأحمد.
وَمِنْ خَوَاصِّهِ أَنَّهُ يُعَاقَبُ فِيهِ عَلَى الْهَمِّ بِالسَّيِّئَاتِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهَا، قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥] [الْحَجِّ: ٢٥] فَتَأَمَّلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute