فَالْمُحَافَظَةُ فِيهَا عَلَى الْآيَةِ الْقَصِيرَةِ وَالسُّورَةِ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ خِلَافُ السُّنَّةِ، وَهُوَ فِعْلُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. وَأَمَّا الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ فَقَرَأَ فِيهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [التين: ١] وَوَقَّتَ لمعاذ فِيهَا بِ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: ١] وَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١] {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: ١] وَنَحْوِهَا، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ قِرَاءَتَهُ فِيهَا بِ (الْبَقَرَةِ) بَعْدَ مَا صَلَّى مَعَهُ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَأَعَادَهَا لَهُمْ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَقَرَأَ بِهِمْ بِ (الْبَقَرَةِ) ، وَلِهَذَا قَالَ لَهُ: (أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا معاذ) فَتَعَلَّقَ النَّقَّارُونَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى مَا قَبْلَهَا وَلَا مَا بَعْدَهَا.
وَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَكَانَ يَقْرَأُ فِيهَا بِسُورَتَيِ (الْجُمُعَةِ) وَ (الْمُنَافِقِينَ) كَامِلَتَيْنِ وَ (سُورَةِ سَبِّحْ) وَ (الْغَاشِيَةِ) .
وَأَمَّا الِاقْتِصَارُ عَلَى قِرَاءَةِ أَوَاخِرِ السُّورَتَيْنِ مِنْ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا. . .) إِلَى آخِرِهَا فَلَمْ يَفْعَلْهُ قَطُّ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِهَدْيِهِ الَّذِي كَانَ يُحَافِظُ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا قِرَاءَتُهُ فِي الْأَعْيَادِ؛ فَتَارَةً كَانَ يَقْرَأُ سُورَتَيْ (ق) وَ (اقْتَرَبَتْ) كَامِلَتَيْنِ، وَتَارَةً سُورَتَيْ (سَبِّحْ) وَ (الْغَاشِيَةِ) ، وَهَذَا هُوَ الْهَدْيُ الَّذِي اسْتَمَرَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَنْسَخْهُ شَيْءٌ.
وَلِهَذَا أَخَذَ بِهِ خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ مِنْ بَعْدِهِ، فَقَرَأَ أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute