للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقِيلَ: لِأَنَّهُ رُجُوعٌ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ تَوْبَةٌ قَبْلَ تَكْمِيلِ الْحَدِّ، فَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ تَابَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ. وَهَذَا اخْتِيَارُ شَيْخِنَا.

وَأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِفُلَانَةَ، لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ مَعَ حَدِّ الزِّنَى. وَأَنَّ مَا قُبِضَ مِنَ الْمَالِ بِالصُّلْحِ الْبَاطِلِ بَاطِلٌ يَجِبُ رَدُّهُ.

وَأَنَّ الْإِمَامَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ.

وَأَنَّ الثَّيِّبَ لَا يُجْمَعُ عَلَيْهِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْلِدْ ماعزا وَلَا الغامدية، وَلَمْ يَأَمُرْ أنيسا أَنْ يَجْلِدَ الْمَرْأَةَ الَّتِي أَرْسَلَهُ إِلَيْهَا، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَحَدِيثُ عبادة: «خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا: الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ» مَنْسُوخٌ. فَإِنَّ هَذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ عِنْدَ نُزُولِ حَدِّ الزَّانِي، ثُمَّ رَجَمَ ماعزا والغامدية، وَلَمْ يَجْلِدْهُمَا، وَهَذَا كَانَ بَعْدَ حَدِيثِ عبادة بِلَا شَكٍّ، وَأَمَّا حَدِيثُ جابر فِي " السُّنَنِ ": «أَنَّ رَجُلًا زَنَى، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجُلِدَ الْحَدَّ، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ مُحْصَنٌ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ. فَقَدْ قَالَ جابر فِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِإِحْصَانِهِ، فَجُلِدَ، ثُمَّ عَلِمَ بِإِحْصَانِهِ فَرُجِمَ» . رَوَاهُ أبو داود.

وَفِيهِ: أَنَّ الْجَهْلَ بِالْعُقُوبَةِ لَا يُسْقِطُ الْحَدَّ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، فَإِنَّ ماعزا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ عُقُوبَتَهُ الْقَتْلُ، وَلَمْ يُسْقِطْ هَذَا الْجَهْلُ الْحَدَّ عَنْهُ.

وَفِيهِ: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْإِقْرَارِ فِي مَجْلِسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ مَعَهُ شَاهِدَانِ، نَصَّ عَلَيْهِ أحمد، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ لأنيس: فَإِنِ اعْتَرَفَتْ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ فَارْجُمْهَا.

وَأَنَّ الْحُكْمَ إِذَا كَانَ حَقًّا مَحْضًا لِلَّهِ لَمْ يُشْتَرَطِ الدَّعْوَى بِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ. وَأَنَّ الْحَدَّ إِذَا وَجَبَ عَلَى امْرَأَةٍ، جَازَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهَا مَنْ يُقِيمُهُ عَلَيْهَا، وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>