للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُتَعَدَّى بِهِ تِلْكَ الْمَوَاضِعُ، وَلَا يُقَصَّرُ عَنْهَا، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ يَقْسِمُهُ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ بَيْنَ أَغْنِيَائِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ، وَلَا كَانَ يَقْسِمُهُ قِسْمَةَ الْمِيرَاثِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، بَلْ كَانَ يَصْرِفُهُ فِيهِمْ بِحَسْبِ الْمَصْلَحَةِ وَالْحَاجَةِ، فَيُزَوِّجُ مِنْهُ عَزَبَهُمْ، وَيَقْضِي مِنْهُ عَنْ غَارِمِهِمْ، وَيُعْطِي مِنْهُ فَقِيرَهُمْ كِفَايَتَهُ.

وَفِي " سُنَنِ أبي داود ": عَنْ ( «عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: وَلَّانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُمُسَ الْخُمُسِ فَوَضَعْتُهُ مَوَاضِعَهُ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَيَاةَ أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَحَيَاةَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ» ) .

وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُصْرَفُ فِي مَصَارِفِهِ الْخَمْسَةِ، وَلَا يَقْوَى هَذَا الِاسْتِدْلَالُ، إِذْ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ صَرَفَهُ فِي مَصَارِفِهِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُهُ فِيهَا، وَلَمْ يُعَدِّهَا إِلَى سِوَاهَا، فَأَيْنَ تَعْمِيمُ الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ بِهِ؟ وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ هَدْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْكَامُهُ أَنَّهُ كَانَ يَجْعَلُ مَصَارِفَ الْخُمُسِ كَمَصَارِفِ الزَّكَاةِ، وَلَا يَخْرُجُ بِهَا عَنِ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ، لَا أَنَّهُ يَقْسِمُهُ بَيْنَهُمْ كَقِسْمَةِ الْمِيرَاثِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ سِيرَتَهُ وَهَدْيَهُ حَقَّ التَّأَمُّلِ لَمْ يَشُكَّ فِي ذَلِكَ.

وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ ": عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ( «كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً يُنْفِقُ مِنْهَا عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ، وَفِي لَفْظٍ: " يَحْبِسُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ، وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ) .

وَفِي " السُّنَنِ ": عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ الْفَيْءُ قَسَمَهُ مِنْ يَوْمِهِ، فَأَعْطَى الْآهِلَ حَظَّيْنِ، وَأَعْطَى الْعَزَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>