للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَوْصُوفَ الَّذِي يَلِي الصِّفَةَ أَوْلَى بِهَا لِجِوَارِهِ، وَالْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إِلَى نَقْلِهَا عَنْهُ، أَوْ تَخَطِّيهَا إِيَّاهُ إِلَى الْأَبْعَدِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَمِنْ أَيْنَ أَدْخَلْتُمْ رَبِيبَتَهُ الَّتِي هِيَ بِنْتُ جَارِيَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا وَلَيْسَتْ مِنْ نِسَائِهِ؟ . قُلْنَا: السُّرِّيَّةُ قَدْ تَدْخُلُ فِي جُمْلَةِ نِسَائِهِ، كَمَا دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣] [الْبَقَرَةِ: ٢٢٣] وَدَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧] [الْبَقَرَةِ: ١٨٧] وَدَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢] [النِّسَاءِ: ٢٢] .

فَإِنْ قِيلَ: فَيَلْزَمُكُمْ عَلَى هَذَا إِدْخَالُهَا فِي قَوْلِهِ: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] [النِّسَاءِ: ٢٣] فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّ جَارِيَتِهِ؟ .

قُلْنَا: نَعَمْ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ: إِذَا وَطِئَ أَمَتَهُ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا.

فَإِنْ قِيلَ: فَأَنْتُمْ قَدْ قَرَّرْتُمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الدُّخُولُ بِالْبِنْتِ فِي تَحْرِيمِ أُمِّهَا فَكَيْفَ تَشْتَرِطُونَهُ هَا هُنَا؟ .

قُلْنَا: لِتَصِيرَ مِنْ نِسَائِهِ، فَإِنَّ الزَّوْجَةَ صَارَتْ مِنْ نِسَائِهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا الْمَمْلُوكَةُ فَلَا تَصِيرُ مِنْ نِسَائِهِ حَتَّى يَطَأَهَا، فَإِذَا وَطِئَهَا صَارَتْ مِنْ نِسَائِهِ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا.

فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ أَدْخَلْتُمُ السُّرِّيَّةَ فِي نِسَائِهِ فِي آيَةِ التَّحْرِيمِ وَلَمْ تُدْخِلُوهَا فِي نِسَائِهِ فِي آيَةِ الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ؟ .

قِيلَ: السِّيَاقُ وَالْوَاقِعُ يَأْبَى ذَلِكَ، فَإِنَّ الظِّهَارَ كَانَ عِنْدَهُمْ طَلَاقًا، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ الْأَزْوَاجُ لَا الْإِمَاءُ، فَنَقَلَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنَ الطَّلَاقِ إِلَى التَّحْرِيمِ الَّذِي تُزِيلُهُ الْكَفَّارَةُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>