وَبَيْنَ مَنْ مَعَهُ كَالْأُخْتَيْنِ وَالْخَمْسِ وَمَا فَوْقَهُنَّ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ أَحْكَامُهَا مُخْتَلِفَةٌ.
فَإِذَا أَسْلَمَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَهُ مَحْرَمِيَّةٌ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ كَانَتْ أُخْتَ الزَّوْجَةِ أَوْ عَمَّتَهَا أَوْ خَالَتَهَا أَوْ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، لَكِنْ إِنْ كَانَ التَّحْرِيمُ لِأَجْلِ الْجَمْعِ خُيِّرَ بَيْنَ إِمْسَاكِ أَيَّتِهِمَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَهُ مِنْ زِنًى فُرِّقَ بَيْنَهُمَا أَيْضًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ ثُبُوتَ النَّسَبِ بِالزِّنَى فُرِّقَ بَيْنَهُمَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَهِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْ مُسْلِمٍ مُتَقَدَّمَةٍ عَلَى عَقْدِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَتِ الْعِدَّةُ مِنْ كَافِرٍ فَإِنِ اعْتَبَرْنَا دَوَامَ الْمُفْسِدِ أَوِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ عِدَّةَ الْكَافِرِ لَا تَدُومُ وَلَا تَمْنَعُ النِّكَاحَ عِنْدَ مَنْ يُبْطِلُ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ وَيَجْعَلُ حُكْمَهَا حُكْمَ الزِّنَى.
وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَهِيَ حُبْلَى مِنْ زِنًى قَبْلَ الْعَقْدِ فَقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اعْتِبَارِ قِيَامِ الْمُفْسِدِ أَوْ كَوْنِهِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ.
وَإِنْ أَسْلَمَا وَقَدْ عَقَدَاهُ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِلَا شُهُودٍ أَوْ فِي عِدَّةٍ وَقَدِ انْقَضَتْ أَوْ عَلَى أُخْتٍ وَقَدْ مَاتَتْ أَوْ عَلَى خَامِسَةٍ كَذَلِكَ أُقِرَّا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً وَاعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا ثُمَّ أَسْلَمَا أُقِرَّا عَلَيْهِ.
وَتَضَمَّنَ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إِذَا أَسْلَمَ قَبْلَ الْآخَرِ لَمْ يَنْفَسِخِ النِّكَاحُ بِإِسْلَامِهِ، فَرَّقَتِ الْهِجْرَةُ بَيْنَهُمَا أَوْ لَمْ تُفَرِّقْ فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّدَ نِكَاحَ زَوْجَيْنِ سَبَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِإِسْلَامِهِ قَطُّ، وَلَمْ يَزَلِ الصَّحَابَةُ يُسْلِمُ الرَّجُلُ قَبْلَ امْرَأَتِهِ وَامْرَأَتُهُ قَبْلَهُ وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمُ الْبَتَّةَ أَنَّهُ تَلَفَّظَ بِإِسْلَامِهِ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَتَسَاوَقَا فِيهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ، هَذَا مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعِ الْبَتَّةَ وَقَدْ رَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ زينب عَلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَهُوَ إِنَّمَا أَسْلَمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَهِيَ أَسْلَمَتْ مِنْ أَوَّلِ الْبَعْثَةِ، فَبَيْنَ إِسْلَامِهِمَا أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً.
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: كَانَ بَيْنَ إِسْلَامِهَا وَإِسْلَامِهِ سِتُّ سِنِينَ، فَوَهْمٌ إِنَّمَا أَرَادَ بَيْنَ هِجْرَتِهَا وَإِسْلَامِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute