وَمِنَ الْمَعْلُومِ يَقِينًا أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ خَرَجَ فَأَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ قَبْلَ دُخُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، وَلَمْ تُسْلِمْ هند امْرَأَتُهُ حَتَّى فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، فَبَقِيَا عَلَى نِكَاحِهِمَا.
وَأَسْلَمَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ قَبْلَ امْرَأَتِهِ، وَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ وعبد الله بن أبي أمية عَامَ الْفَتْحِ، فَلَقِيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْوَاءِ، فَأَسْلَمَا قَبْلَ مَنْكُوحَتَيْهِمَا، فَبَقِيَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ أَحَدٍ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ.
وَجَوَابُ مَنْ أَجَابَ بِتَجْدِيدِ نِكَاحِ مَنْ أَسْلَمَ فِي غَايَةِ الْبُطْلَانِ، وَمِنَ الْقَوْلِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَا عِلْمٍ، وَاتِّفَاقُ الزَّوْجَيْنِ فِي التَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ مَعًا فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ مَعْلُومُ الِانْتِفَاءِ.
وَيَلِي هَذَا الْقَوْلَ مَذْهَبُ مَنْ يَقِفُ الْفُرْقَةَ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مَعَ مَا فِيهِ، إِذْ فِيهِ آثَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْقَطِعَةً، وَلَوْ صَحَّتْ لَمْ يَجُزِ الْقَوْلُ بِغَيْرِهَا. قَالَ ابن شبرمة: كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْلِمُ الرَّجُلُ قَبْلَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ قَبْلَ الرَّجُلِ، فَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمَرْأَةِ، فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ الترمذي فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ وَمَا حَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ عَنْ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ حَكَاهُ؟ وَالْمَعْرُوفُ عَنْهُ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أيوب وقتادة كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ (أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَسْلَمَتِ امْرَأَتُهُ فَخَيَّرَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ، وَإِنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ عَلَيْهِ) وَمَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ إِنَّمَا خَيَّرَهَا بَيْنَ انْتِظَارِهِ إِلَى أَنْ يُسْلِمَ فَتَكُونَ زَوْجَتَهُ كَمَا هِيَ أَوْ تُفَارِقَهُ وَكَذَلِكَ صَحَّ عَنْهُ أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَسْلَمَتِ امْرَأَتُهُ فَقَالَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْ أَسْلَمَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَلَمْ يُسْلِمْ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute