للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْجِيزُ الْفُرْقَةِ أَوْ مُرَاعَاةُ الْعِدَّةِ، فَلَا نَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَعَ كَثْرَةِ مَنْ أَسْلَمَ فِي عَهْدِهِ مِنَ الرِّجَالِ وَأَزْوَاجِهِنَّ وَقُرْبِ إِسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مِنَ الْآخَرِ وَبُعْدِهِ مِنْهُ، وَلَوْلَا إِقْرَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى نِكَاحِهِمَا وَإِنْ تَأَخَّرَ إِسْلَامُ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ وَزَمَنِ الْفَتْحِ لَقُلْنَا بِتَعْجِيلِ الْفُرْقَةِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ عِدَّةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] ، وَقَوْلِهِ: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] [الْمُمْتَحَنَةِ: ١٠] وَأَنَّ الْإِسْلَامَ سَبَبُ الْفُرْقَةِ وَكُلُّ مَا كَانَ سَبَبًا لِلْفُرْقَةِ تَعْقُبُهُ الْفُرْقَةُ كَالرَّضَاعِ وَالْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الخلال وأبي بكر صَاحِبِهِ وابن المنذر وَابْنِ حَزْمٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الحسن وطاووس وعكرمة وقتادة والحكم.

قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وعدي بن عدي الكندي وَالشَّعْبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قُلْتُ: وَهُوَ أَحَدُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أحمد، وَلَكِنَّ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] وَقَوْلُهُ: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] لَمْ يَحْكُمْ بِتَعْجِيلِ الْفُرْقَةِ فَرَوَى مالك فِي " مُوَطَّئِهِ " عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: «كَانَ بَيْنَ إِسْلَامِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَبَيْنَ إِسْلَامِ امْرَأَتِهِ بنت الوليد بن المغيرة نَحْوٌ مِنْ شَهْرٍ أَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ وَبَقِيَ صفوان حَتَّى شَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ وَهُوَ كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ وَلَمْ يُفَرِّقِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا وَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ النِّكَاحِ» . وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَشُهْرَةُ هَذَا الْحَدِيثِ أَقْوَى مِنْ إِسْنَادِهِ.

وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَسْلَمَتْ أم حكيم يَوْمَ الْفَتْحِ وَهَرَبَ زَوْجُهَا عكرمة حَتَّى أَتَى الْيَمَنَ فَدَعَتْهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ وَقَدِمَ فَبَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَقِيَا عَلَى نِكَاحِهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>