وَفِي " الصَّحِيحِ " عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ» ) .
فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ السُّنَنُ أَنَّ مَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ اللِّسَانُ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ يَمِينٍ أَوْ نَذْرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَفْوٌ غَيْرُ لَازِمٍ بِالنِّيَّةِ وَالْقَصْدِ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ:
أَحَدُهُمَا: التَّوَقُّفُ فِيهَا، قَالَ عبد الرزاق عَنْ معمر: سُئِلَ ابْنُ سِيرِينَ عَمَّنْ طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ فَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ مَا فِي نَفْسِكَ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَلَا أَقُولُ فِيهَا شَيْئًا.
وَالثَّانِي: وُقُوعُهُ إِذَا جَزَمَ عَلَيْهِ وَهَذَا رِوَايَةُ أشهب عَنْ مالك، وَرُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ) وَأَنَّ مَنْ كَفَرَ فِي نَفْسِهِ، فَهُوَ كَفَرَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٤] [الْبَقَرَةِ: ٢٤٨] وَأَنَّ الْمُصِرَّ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَاسِقٌ مُؤَاخَذٌ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute