وَالنِّكَاحِ، وَقَالَ: شُمُولُ الِاسْمِ لِلصَّحِيحِ مِنْ ذَلِكَ وَالْفَاسِدِ سَوَاءٌ؟ بَلْ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعُقُودِ الْمُحَرَّمَةِ إِذَا ادَّعَى دُخُولَهَا تَحْتَ أَلْفَاظِ الْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الْعِبَادَاتُ الْمُحَرَّمَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا إِذَا ادَّعَى دُخُولَهَا تَحْتَ الْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ، وَحَكَمَ لَهَا بِالصِّحَّةِ لِشُمُولِ الِاسْمِ لَهَا، هَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ صَحِيحَةً أَوْ بَاطِلَةً؟
فَإِنْ قُلْتُمْ: صَحِيحَةٌ وَلَا سَبِيلَ لَكُمْ إِلَى ذَلِكَ، كَانَ قَوْلًا مَعْلُومَ الْفَسَادِ بِالضَّرُورَةِ مِنَ الدِّينِ، وَإِنْ قُلْتُمْ: دَعْوَاهُ بَاطِلَةٌ، تَرَكْتُمْ قَوْلَكُمْ وَرَجَعْتُمْ إِلَى مَا قُلْنَاهُ، وَإِنْ قُلْتُمْ: تُقْبَلُ فِي مَوْضِعٍ، وَتُرَدُّ فِي مَوْضِعٍ، قِيلَ لَكُمْ: فَفَرِّقُوا بِفُرْقَانٍ صَحِيحٍ مُطَّرِدٍ مُنْعَكِسٍ، مَعَكُمْ بِهِ بُرْهَانٌ مِنَ اللَّهِ بَيْنَ مَا يَدْخُلُ مِنَ الْعُقُودِ الْمُحَرَّمَةِ تَحْتَ أَلْفَاظِ النُّصُوصِ، فَيَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الصِّحَّةِ، وَبَيْنَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَهَا، فَيَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْبُطْلَانِ، وَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ ذَلِكَ، فَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِأَيْدِيكُمْ سِوَى الدَّعْوَى الَّتِي يُحْسِنُ كُلُّ أَحَدٍ مُقَابَلَتَهَا بِمِثْلِهَا، أَوِ الِاعْتِمَادِ عَلَى مَنْ يُحْتَجُّ لِقَوْلِهِ لَا بِقَوْلِهِ، وَإِذَا كُشِفَ الْغِطَاءُ عَمَّا قَرَّرْتُمُوهُ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ وُجِدَ عَيْنُ مَحَلِّ النِّزَاعِ، فَقَدْ جَعَلْتُمُوهُ مُقَدِّمَةً فِي الدَّلِيلِ، وَذَلِكَ عَيْنُ الْمُصَادَرَةِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، فَهَلْ وَقَعَ النِّزَاعُ إِلَّا فِي دُخُولِ الطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ تَحْتَ قَوْلِهِ: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ} [البقرة: ٢٤١] ، وَتَحْتَ قَوْلِهِ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ، وَهَلْ سَلَّمَ لَكُمْ مُنَازِعُوكُمْ قَطُّ ذَلِكَ حَتَّى تَجْعَلُوهُ مُقَدِّمَةً لِدَلِيلِكُمْ؟
قَالُوا: وَأَمَّا اسْتِدْلَالُكُمْ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، فَهُوَ إِلَى أَنْ يَكُونَ حُجَّةً عَلَيْكُمْ أَقْرَبَ مِنْهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لَكُمْ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: صَرِيحُ قَوْلِهِ: ( «فَرَدَّهَا عَلَيَّ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا» ) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ صِحَّتِهِ. قَالُوا: فَهَذَا الصَّرِيحُ الصَّحِيحُ لَيْسَ بِأَيْدِيكُمْ مَا يُقَاوِمُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، بَلْ جَمِيعُ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ إِمَّا صَحِيحَةٌ غَيْرُ صَرِيحَةٍ، وَإِمَّا صَرِيحَةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَمَا سَتَقِفُونَ عَلَيْهِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِإِسْنَادٍ كَالشَّمْسِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute