وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَحَلٌّ. وَأَمَّا زَوَالُهُ بِالْإِقْرَارِ الْكَاذِبِ، فَأَبْعَدُ وَأَبْعَدُ، فَإِنَّا صَدَّقْنَاهُ ظَاهِرًا فِي إِقْرَارِهِ، وَأَزَلْنَا مِلْكَهُ بِالْإِقْرَارِ الْمُصَدَّقِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا.
وَأَمَّا زَوَالُ الْإِيمَانِ بِالْكَلَامِ الَّذِي هُوَ كُفْرٌ، فَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكُفْرِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ.
وَأَمَّا طَلَاقُ الْهَازِلِ، فَإِنَّمَا وَقَعَ، لِأَنَّهُ صَادَفَ مَحَلًّا، وَهُوَ طُهْرٌ لَمْ يُجَامِعْ فِيهِ فَنَفَذَ، وَكَوْنُهُ هَزَلَ بِهِ إِرَادَةً مِنْهُ أَنْ لَا يَتَرَتَّبَ أَثَرُهُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لَيْسَ إِلَيْهِ، بَلْ إِلَى الشَّارِعِ، فَهُوَ قَدْ أَتَى بِالسَّبَبِ التَّامِّ، وَأَرَادَ أَلَّا يَكُونَ سَبَبَهُ، فَلَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَنْ طَلَّقَ فِي غَيْرِ زَمَنِ الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالسَّبَبِ الَّذِي نَصَبَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُفْضِيًا إِلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا أَتَى بِسَبَبٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَجَعَلَهُ هُوَ مُفْضِيًا إِلَى حُكْمِهِ، وَذَلِكَ لَيْسَ إِلَيْهِ.
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ النِّكَاحَ نِعْمَةٌ، فَلَا يَكُونُ سَبَبُهُ إِلَّا طَاعَةً بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ إِزَالَةِ النِّعَمِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ مَعْصِيَةً، فَيُقَالُ: قَدْ يَكُونُ الطَّلَاقُ مِنْ أَكْبَرِ النِّعَمِ الَّتِي يَفُكُّ بِهَا الْمُطَلِّقُ الْغُلَّ مِنْ عُنُقِهِ، وَالْقَيْدَ مِنْ رِجْلِهِ، فَلَيْسَ كُلُّ طَلَاقٍ نِقْمَةً، بَلْ مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ مَكَّنَهُمْ مِنَ الْمُفَارَقَةِ بِالطَّلَاقِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ، وَالتَّخَلُّصَ مِمَّنْ لَا يُحِبُّهَا وَلَا يُلَائِمُهَا، فَلَمْ يُرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلُ النِّكَاحِ، وَلَا لِلْمُتَبَاغِضَيْنِ مِثْلُ الطَّلَاقِ، ثُمَّ كَيْفَ يَكُونُ نِقْمَةً وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٦] [الْبَقَرَةِ: ٢٣٦] ، وَيَقُولُ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] [الطَّلَاقِ: ١] ؟ .
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ الْفُرُوجَ يُحْتَاطُ لَهَا، فَنَعَمْ، وَهَكَذَا قُلْنَا سَوَاءٌ، فَإِنَّا احْتَطْنَا وَأَبْقَيْنَا الزَّوْجَيْنِ عَلَى يَقِينِ النِّكَاحِ حَتَّى يَأْتِيَ مَا يُزِيلُهُ بِيَقِينٍ، فَإِذَا أَخْطَأْنَا فَخَطَؤُنَا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ أَصَبْنَا فَصَوَابُنَا فِي جِهَتَيْنِ، جِهَةِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ، وَجِهَةِ الثَّانِي، وَأَنْتُمْ تَرْتَكِبُونَ أَمْرَيْنِ: تَحْرِيمَ الْفَرَجِ عَلَى مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute