الدَّارَقُطْنِيُّ: يُخْطِئُ كَثِيرًا، وَمِثْلُ هَذَا إِذَا تَفَرَّدَ بِحَدِيثٍ لَمْ يَكُنْ حَدِيثُهُ حُجَّةً.
وَأَمَّا إِفْتَاءُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِالْوُقُوعِ، فَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ أَبَدًا، فَإِنَّ أَثَرَ عثمان، فِيهِ كَذَّابٌ عَنْ مَجْهُولٍ لَا يُعْرَفُ عَيْنُهُ وَلَا حَالُهُ، فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ ابن سمعان، عَنْ رَجُلٍ، وَأَثَرُ زيد: فِيهِ مَجْهُولٌ عَنْ مَجْهُولٍ: قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ عَنْ زيد، فَيَالَلَّهِ الْعَجَبَ، أَيْنَ هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عبيد الله حَافِظِ الْأُمَّةِ، عَنْ نافع عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُعْتَدُّ بِهَا. فَلَوْ كَانَ هَذَا الْأَثَرُ مِنْ قِبَلِكُمْ، لَصُلْتُمْ بِهِ وَجُلْتُمْ.
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ تَحْرِيمَهُ لَا يَمْنَعُ تَرَتُّبَ أَثَرِهِ عَلَيْهِ، كَالظِّهَارِ، فَيُقَالُ أَوَّلًا: هَذَا قِيَاسٌ يَدْفَعُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ النَّصِّ، وَسَائِرُ تِلْكَ الْأَدِلَّةِ الَّتِي هِيَ أَرْجَحُ مِنْهُ، ثُمَّ يُقَالُ ثَانِيًا: هَذَا مُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ سَوَاءٌ مُعَارَضَةُ الْقَلْبِ بِأَنْ يُقَالَ: تَحْرِيمُهُ يَمْنَعُ تَرَتُّبَ أَثَرِهِ عَلَيْهِ كَالنِّكَاحِ، وَيُقَالُ ثَالِثًا: لَيْسَ لِلظِّهَارِ جِهَتَانِ: جِهَةُ حِلٍّ، وَجِهَةُ حُرْمَةٍ، بَلْ كُلُّهُ حَرَامٌ، فَإِنَّهُ مُنْكَرٌ مِنَ الْقَوْلِ وَزُوْرٌ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْقَسِمَ إِلَى حَلَالٍ جَائِزٍ، وَحَرَامٍ بَاطِلٍ، بَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقَذْفِ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالرِّدَّةِ، فَإِذَا وُجِدَ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا مَعَ مَفْسَدَتِهِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُقَالَ: مِنْهُ حَلَالٌ صَحِيحٌ، وَحَرَامٌ بَاطِلٌ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْبَيْعِ، فَالظِّهَارُ نَظِيرُ الْأَفْعَالِ الْمُحَرَّمَةِ الَّتِي إِذَا وَقَعَتْ قَارَنَتْهَا مَفَاسِدُهَا، فَتَرَتَّبَتْ عَلَيْهَا أَحْكَامُهَا، وَإِلْحَاقُ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعُقُودِ الْمُنْقَسِمَةِ إِلَى حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَصَحِيحٍ وَبَاطِلٍ - أَوْلَى.
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ يُمَلَّكُ بِهِ الْبُضْعُ، وَالطَّلَاقُ عَقْدٌ يُخْرَجُ بِهِ، فَنَعَمْ. مِنْ أَيْنَ لَكُمْ بُرْهَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ فِي اعْتِبَارِ حُكْمِ أَحَدِهِمَا، وَالْإِلْزَامِ بِهِ وَتَنْفِيذِهِ، وَإِلْغَاءِ الْآخَرِ وَإِبْطَالِهِ؟
وَأَمَّا زَوَالُ مِلْكِهِ عَنِ الْعَيْنِ بِالْإِتْلَافِ الْمُحَرَّمِ، فَذَلِكَ مِلْكٌ قَدْ زَالَ حِسًّا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute