رَاجِعْهَا " وَتَلَا: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] » ) .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سعد بن إبراهيم، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ محمد بن إسحاق، قَالَ: حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، ( «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: طَلَّقَ ركانة بن عبد يزيد أَخُو بَنِي الْمُطَّلِبِ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْنًا شَدِيدًا، قَالَ: فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " كَيْفَ طَلَّقْتَهَا "، فَقَالَ: طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ: " فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ؟ "، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: " فَإِنَّمَا تِلْكَ وَاحِدَةٌ فَارْجِعْهَا إِنْ شِئْتَ "؟ قَالَ: فَرَاجَعَهَا» ) . فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى أَنَّمَا الطَّلَاقُ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ.
قَالُوا: وَأَمَّا الْقِيَاسُ، فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ جَمْعَ الثَّلَاثِ مُحَرَّمٌ وَبِدْعَةٌ، وَالْبِدْعَةُ مَرْدُودَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: وَسَائِرُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَيَانِ التَّحْرِيمِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِهَا جُمْلَةً. قَالُوا: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَنَا إِلَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: ٦] [النُّورِ: ٦] ، وَقَوْلُهُ: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: ٨] [النُّورِ: ٨] ، قَالُوا: وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُعْتَبَرُ لَهُ التَّكْرَارُ مِنْ حَلِفٍ أَوْ إِقْرَارٍ أَوْ شَهَادَةٍ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» ) .
فَلَوْ قَالُوا: نَحْلِفُ بِاللَّهِ خَمْسِينَ يَمِينًا: إِنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ، كَانَتْ يَمِينًا وَاحِدَةً. قَالُوا: وَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِالزِّنَى، كَمَا فِي الْحَدِيثِ: أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ قَالَ لِمَاعِزٍ: إِنْ أَقْرَرْتَ أَرْبَعًا، رَجَمَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَذَا لَا يُعْقَلُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْبَعُ فِيهِ مَجْمُوعَةً بِفَمٍ وَاحِدٍ.
وَأَمَّا الَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا، فَلَهُمْ حُجَّتَانِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute