للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُهُ أَيْضًا، وَقَدْ أَبْطَلَ مَنِ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فِي ذَلِكَ، فَالنِّزَاعُ ثَابِتٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، كَمَا حَكَيْنَاهُ، وَالْحُجَّةُ لَا تَقُومُ بِالْخِلَافِ، فَهَذَا (ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، قَدْ قَالَا: إِنَّ تَمْلِيكَ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ أَمْرَهَا لَيْسَ بِشَيْءٍ) (وَابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ فِيمَنْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ آخَرَ فَطَلَّقَهَا: لَيْسَ بِشَيْءٍ) (وطاووس يَقُولُ فِيمَنْ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا: لَيْسَ إِلَى النِّسَاءِ طَلَاقٌ، وَيَقُولُ فِيمَنْ مَلَّكَ رَجُلًا أَمْرَ امْرَأَتِهِ: أَيَمْلِكُ الرَّجُلُ أَنْ يُطَلِّقَهَا؟ قَالَ: لَا)

قُلْتُ: أَمَّا الْمَنْقُولُ عَنْ طَاوُوسٍ فَصَحِيحٌ صَرِيحٌ، لَا مَطْعَنَ فِيهِ، سَنَدًا وَصَرَاحَةً. وَأَمَّا الْمَنْقُولُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَمُخْتَلِفٌ، فَنُقِلَ عَنْهُ مُوَافَقَةُ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ فِي الْوُقُوعِ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ أَمْرُكِ بِيَدِكِ، وَاخْتَارِي سَوَاءٌ، فِي قَوْلِ علي وَابْنِ مَسْعُودٍ وزيد، وَنُقِلَ عَنْهُ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَمْرُ فُلَانَةَ بِيَدِكِ، إِنْ أَدْخَلْتِ هَذَا الْعِدْلَ الْبَيْتَ فَفَعَلَتْ، أَنَّهَا امْرَأَتُهُ، وَلَمْ يُطَلِّقْهَا عَلَيْهِ.

وَأَمَّا الْمَنْقُولُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وعثمان، فَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا إِذَا أَضَافَتِ الْمَرْأَةُ الطَّلَاقَ إِلَى الزَّوْجِ، وَقَالَتْ: أَنْتِ طَالِقٌ.

وأحمد ومالك يَقُولَانِ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِمَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، إِذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا، أَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا، فَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلْغَاءُ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ الْبَتَّةَ، إِلَّا هَذِهِ الرِّوَايَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُهَا، وَالثَّابِتُ عَنِ الصَّحَابَةِ اعْتِبَارُ ذَلِكَ، وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ بِهِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِيمَا تَمْلِكُ بِهِ الْمَرْأَةُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا أَثَرَ لَهُ لَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا وَهِمَ أبو محمد فِي الْمَنْقُولِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وعثمان، وَلَكِنْ هَذَا مَذْهَبُ طَاوُوسٍ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ عطاء مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَرَوَى عبد الرزاق عَنِ (ابْنِ جُرَيْجٍ، قُلْتُ لعطاء: رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ. قُلْتُ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا رَجُلًا أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا يَوْمًا أَوْ سَاعَةً، قَالَ: مَا أَدْرِي مَا هَذَا؟ مَا أَظُنُّ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>