رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ كُلُّهُمْ يُوقِفُ الْمُؤْلِي» ) يَعْنِي: بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
وَرَوَى سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: (سَأَلْتُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُؤْلِي، فَقَالُوا: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ) وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ. (وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَلَمْ يَفِئْ فِيهَا، طَلَقَتْ مِنْهُ بِمُضِيِّهَا) وَهَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ، وَقَوْلُ أَبِي حنيفة وَأَصْحَابِهِ، فَعِنْدَ هَؤُلَاءِ يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَقَتْ بِمُضِيِّهَا. وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ حَتَّى تَمْضِيَ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ، فَحِينَئِذٍ يُقَالُ: إِمَّا أَنْ تَفِيءَ، وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَ، وَإِنْ لَمْ يَفِئْ أُخِذَ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ، إِمَّا بِالْحَاكِمِ، وَإِمَّا بِحَبْسِهِ حَتَّى يُطَلِّقَ.
قَالَ الْمُوقِعُونَ لِلطَّلَاقِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ: آيَةُ الْإِيلَاءِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَرَأَ " فَإِنْ فَاءُوا فِيهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " فَإِضَافَةُ الْفَيْئَةِ إِلَى الْمُدَّةِ تَدُلُّ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْفَيْئَةِ فِيهَا، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ إِمَّا أَنْ تُجْرَى مَجْرَى الْخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَتُوجِبُ الْعَمَلَ، وَإِنْ لَمْ تُوجِبْ كَوْنَهَا مِنَ الْقُرْآنِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ قُرْآنًا نُسِخَ لَفْظُهُ، وَبَقِيَ حُكْمُهُ، لَا يَجُوزُ فِيهَا غَيْرُ هَذَا الْبَتَّةَ.
الثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَلَوْ كَانَتِ الْفَيْئَةُ بَعْدَهَا لَزَادَتْ عَلَى مُدَّةِ النَّصِّ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute