للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَوْلُ أبي بكر أَصَحُّ الْأَقْوَالِ، وَعَلَيْهِ تَدُلُّ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَوَى مالك، عَنْ نافع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ( «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ، وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ» ) .

وَفِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: وَكَانَتْ حَامِلًا فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا.

وَقَدْ حَكَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ) وَهَذِهِ كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ حَالَ كَوْنِهَا حَامِلًا، فَالْوَلَدُ لَهُ، فَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إِلَّا بِنَفْيِهِ.

قِيلَ: هَذَا مَوْضِعُ تَفْصِيلٍ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ أَنَّ الْحَمْلَ إِنْ كَانَ سَابِقًا عَلَى مَا رَمَاهَا بِهِ وَعَلِمَ أَنَّهَا زَنَتْ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ، فَالْوَلَدُ لَهُ قَطْعًا، وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ بِلِعَانِهِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ عَنْهُ فِي اللِّعَانِ، فَإِنَّهَا لَمَّا عُلِقَتْ بِهِ كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ، وَكَانَ الْحَمْلُ لَاحِقًا بِهِ، فَزِنَاهَا لَا يُزِيلُ حُكْمَ لِحَوْقِهِ بِهِ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَمْلَهَا حَالَ زِنَاهَا الَّذِي قَدْ قَذَفَهَا بِهِ فَهَذَا يُنْظَرُ فِيهِ؛ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لَأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ الزِّنَى الَّذِي رَمَاهَا بِهِ فَالْوَلَدُ لَهُ، وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ بِلِعَانِهِ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ الزِّنَى الَّذِي رَمَاهَا بِهِ نُظِرَ؛ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ زِنَاهَا أَوْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا، فَإِنْ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا انْتَفَى الْوَلَدُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ سَوَاءٌ نَفَاهُ أَوْ لَمْ يَنْفِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ عِنْدَ مَنْ يَشْتَرِطُ ذِكْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا فَهَاهُنَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْهُ، وَأَنْ يَكُونَ مِنَ الزَّانِي، فَإِنْ نَفَاهُ فِي اللِّعَانِ انْتَفَى، وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ، وَلَمْ يَنْفِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>