يَسَارٍ، عَنْ عمر فِي امْرَأَةٍ وَطِئَهَا رَجُلَانِ فِي طُهْرٍ، فَقَالَ الْقَائِفُ: قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا، فَجَعَلَهُ بَيْنَهُمَا.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: وعلي يَقُولُ: (هُوَ ابْنُهُمَا وَهُمَا أَبَوَاهُ يَرِثَانِهِ) ذَكَرَهُ سعيد أَيْضًا.
وَرَوَى الأثرم بِإِسْنَادِهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ (فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي طُهْرِ امْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ فَوَلَدَتْ غُلَامًا يُشْبِهُهُمَا، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَدَعَا الْقَافَةَ فَنَظَرُوا فَقَالُوا: نَرَاهُ يُشْبِهُهُمَا، فَأَلْحَقَهُ بِهِمَا وَجَعَلَهُ يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ) وَلَا يُعْرَفُ قَطُّ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ خَالَفَ عمر وعليا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ، بَلْ حَكَمَ عمر بِهَذَا فِي الْمَدِينَةِ وَبِحَضْرَتِهِ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَلَمْ يُنْكِرْهُ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ.
قَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ: قَدْ أَجْلَبْتُمْ عَلَيْنَا فِي الْقَافَةِ بِالْخَيْلِ وَالرَّجِلِ، وَالْحُكْمُ بِالْقِيَافَةِ تَعْوِيلٌ عَلَى مُجَرَّدِ الشَّبَهِ وَالظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّبَهَ قَدْ يُوجَدُ مِنَ الْأَجَانِبِ وَيَنْتَفِي عَنِ الْأَقَارِبِ، وَذَكَرْتُمْ قِصَّةَ أسامة وزيد وَنَسِيتُمْ قِصَّةَ الَّذِي وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ غُلَامًا أَسْوَدَ يُخَالِفُ لَوْنَهُمَا فَلَمْ يُمَكِّنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَفْيِهِ وَلَا جَعَلَ لِلشَّبَهِ وَلَا لِعَدَمِهِ أَثَرًا، وَلَوْ كَانَ لِلشَّبَهِ أَثَرٌ لَاكْتَفَى بِهِ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى اللِّعَانِ، وَلَكَانَ يَنْتَظِرُ وِلَادَتَهُ ثُمَّ يُلْحَقُ بِصَاحِبِ الشَّبَهِ، وَيَسْتَغْنِي بِذَلِكَ عَنِ اللِّعَانِ، بَلْ كَانَ لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ مَعَ وُجُودِ الشَّبَهِ بِالزَّوْجِ، وَقَدْ دَلَّتِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ عَلَى نَفْيِهِ عَنِ الْمُلَاعِنِ، وَلَوْ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «أَبْصِرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لهلال بن أمية» ) وَهَذَا قَالَهُ بَعْدَ اللِّعَانِ وَنَفْيِ النَّسَبِ عَنْهُ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ جَاءَ عَلَى الشَّبَهِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا كَانَ مَجِيئُهُ عَلَى شَبَهِهِ دَلِيلًا عَلَى كَذِبِهِ، لَا عَلَى لُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ. قَالُوا: وَأَمَّا قِصَّةُ أسامة وزيد فَالْمُنَافِقُونَ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِهِ مِنْ زيد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute