للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ مَعْلُومًا عِنْدَ الْأُمَّةِ، بَلْ يُضَيِّعُهُ أَكْثَرُ أُمَّتِهِ، وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ بَلْ كُلُّهُمْ، حَتَّى يَقُولَ مَنْ يَقُولُ مِنْهُمْ: إِنَّهُ مُحْدَثٌ، كَمَا ( «قَالَ سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ الْأَشْجَعِيُّ: قُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتِ إِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ هَاهُنَا وَبِالْكُوفَةِ مُنْذُ خَمْسِ سِنِينَ، فَكَانُوا يَقْنُتُونَ فِي الْفَجْرِ؟ فَقَالَ أَيْ بُنَيَّ مُحْدَثٌ» ) . رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ وأحمد. وَقَالَ الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: ( «إِنَّ الْقُنُوتَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ بِدْعَةٌ» ) ، وَذَكَرَ البيهقي عَنْ أبي مجلز قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ صَلَاةَ الصُّبْحِ فَلَمْ يَقْنُتْ، فَقُلْتُ لَهُ: لَا أَرَاكَ تَقْنُتُ، فَقَالَ: لَا أَحْفَظُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا.

وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ يَقْنُتُ كُلَّ غَدَاةٍ وَيَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ وَيُؤَمِّنُ الصَّحَابَةُ لَكَانَ نَقْلُ الْأُمَّةِ لِذَلِكَ كُلِّهِمْ كَنَقْلِهِمْ لِجَهْرِهِ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا وَعَدَدِهَا وَوَقْتِهَا، وَإِنْ جَازَ عَلَيْهِمْ تَضْيِيعُ أَمْرِ الْقُنُوتِ مِنْهَا جَازَ عَلَيْهِمْ تَضْيِيعُ ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هَدْيُهُ الْجَهْرَ بِالْبَسْمَلَةِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ دَائِمًا مُسْتَمِرًّا ثُمَّ يُضِيعُ أَكْثَرُ الْأُمَّةِ ذَلِكَ وَيَخْفَى عَلَيْهَا، وَهَذَا مِنْ أَمْحَلِ الْمُحَالِ.

بَلْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاقِعًا، لَكَانَ نَقْلُهُ كَنَقْلِ عَدَدِ الصَّلَوَاتِ، وَعَدَدِ الرَّكَعَاتِ، وَالْجَهْرِ وَالْإِخْفَاتِ، وَعَدَدِ السَّجَدَاتِ، وَمَوَاضِعِ الْأَرْكَانِ وَتَرْتِيبِهَا، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>