للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْإِنْصَافُ الَّذِي يَرْتَضِيهِ الْعَالِمُ الْمُنْصِفُ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَهَرَ وَأَسَرَّ، وَقَنَتَ وَتَرَكَ، وَكَانَ إِسْرَارُهُ أَكْثَرَ مِنْ جَهْرِهِ، وَتَرْكُهُ الْقُنُوتَ أَكْثَرَ مِنْ فِعْلِهِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا قَنَتَ عِنْدَ النَّوَازِلِ لِلدُّعَاءِ لِقَوْمٍ، وَلِلدُّعَاءِ عَلَى آخَرِينَ، ثُمَّ تَرَكَهُ لَمَّا قَدِمَ مَنْ دَعَا لَهُمْ، وَتَخَلَّصُوا مِنَ الْأَسْرِ، وَأَسْلَمَ مَنْ دَعَا عَلَيْهِمْ وَجَاءُوا تَائِبِينَ، فَكَانَ قُنُوتُهُ لِعَارِضٍ، فَلَمَّا زَالَ تَرَكَ الْقُنُوتَ، وَلَمْ يَخْتَصَّ بِالْفَجْرِ، بَلْ ( «كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ» ) ، ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْ أنس. وَقَدْ ذَكَرَهُ مسلم عَنِ البراء.

وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ( «قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ، يَدْعُو عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ، وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ» ) ، وَرَوَاهُ أبو داود.

وَكَانَ هَدْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُنُوتَ فِي النَّوَازِلِ خَاصَّةً، وَتَرْكَهُ عِنْدَ عَدِمِهَا، وَلَمْ يَكُنْ يَخُصُّهُ بِالْفَجْرِ، بَلْ كَانَ أَكْثَرُ قُنُوتِهِ فِيهَا لِأَجْلِ مَا شُرِعَ فِيهَا مِنَ التَّطْوِيلِ، وَلِاتِّصَالِهَا بِصَلَاةِ اللَّيْلِ، وَقُرْبِهَا مِنَ السَّحَرِ وَسَاعَةِ الْإِجَابَةِ، وَلِلتَّنَزُّلِ الْإِلَهِيِّ، وَلِأَنَّهَا الصَّلَاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>