للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا» ) . وَقَالَ: ( «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ) . وَقَدْ قَالُوا: لَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ فِي الْبَيْعِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا الصَّغِيرِ فَكَيْفَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَضَانَةِ؟ وَعُمُومُ الْأَحَادِيثِ تَمْنَعُ مِنَ التَّفْرِيقِ مُطْلَقًا فِي الْحَضَانَةِ وَالْبَيْعِ، وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِكَوْنِ مَنَافِعِهَا مَمْلُوكَةً لِلسَّيِّدِ فَهِيَ مُسْتَغْرِقَةٌ فِي خِدْمَتِهِ فَلَا تَفْرُغُ لِحَضَانَةِ الْوَلَدِ - مَمْنُوعٌ، بَلْ حَقُّ الْحَضَانَةِ لَهَا، تُقَدَّمُ بِهِ فِي أَوْقَاتِ حَاجَةِ الْوَلَدِ عَلَى حَقِّ السَّيِّدِ كَمَا فِي الْبَيْعِ سَوَاءٌ. وَأَمَّا اشْتِرَاطُ خُلُوِّهَا مِنَ النِّكَاحِ فَقَدْ تَقَدَّمَ.

وَهَاهُنَا مَسْأَلَةٌ يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا، وَهِيَ أَنَّا إِذَا أَسْقَطْنَا حَقَّهَا مِنَ الْحَضَانَةِ بِالنِّكَاحِ وَنَقَلْنَاهَا إِلَى غَيْرِهَا فَاتَّفَقَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَاهَا - لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا مِنَ الْحَضَانَةِ، وَهِيَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي يَدْفَعُهُ الْقَاضِي إِلَيْهِ، وَتَرْبِيَتُهُ فِي حِجْرِ أُمِّهِ وَرَأْيِهِ أَصْلَحُ مِنْ تَرْبِيَتِهِ فِي بَيْتِ أَجْنَبِيٍّ مَحْضٍ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا تُوجِبُ شَفَقَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَحُنُوَّهُ، وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ تَأْتِيَ الشَّرِيعَةُ بِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ بِمَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ مِنْهَا بِكَثِيرٍ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْكُمْ حُكْمًا عَامًّا كُلِّيًّا: أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ حَتَّى يَكُونَ إِثْبَاتُ الْحَضَانَةِ لِلْأُمِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُخَالَفَةً لِلنَّصِّ.

وَأَمَّا اتِّحَادُ الدَّارِ، فَإِنْ كَانَ سَفَرُ أَحَدِهِمَا لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ، وَالْآخَرُ مُقِيمٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ بِالْوَلَدِ الطِّفْلِ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ رَضِيعًا إِضْرَارٌ بِهِ، وَتَضْيِيعٌ لَهُ، هَكَذَا أَطْلَقُوهُ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا سَفَرَ الْحَجِّ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>