للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْمِيرَاثِ وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَوِلَايَةِ الْمَوْتِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى جعفر وعلي ادِّعَاءَهُمَا حَضَانَتَهَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا ذَلِكَ لَأَنْكَرَ عَلَيْهِمَا الدَّعْوَى الْبَاطِلَةَ، فَإِنَّهَا دَعْوَى مَا لَيْسَ لَهُمَا، وَهُوَ لَا يُقِرُّ عَلَى بَاطِلٍ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لِأَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ سِوَى الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ، هَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّهِ وَلِلدَّلِيلِ. فَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ - وَهُوَ الصَّوَابُ - إِذَا كَانَ الطِّفْلُ أُنْثَى، وَكَانَ ابْنُ الْعَمِّ مَحْرَمًا لَهَا بِرَضَاعٍ أَوْ نَحْوِهِ - كَانَ لَهُ حَضَانَتُهَا، وَإِنْ جَاوَزَتِ السَّبْعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْرَمًا فَلَهُ حَضَانَتُهَا صَغِيرَةً حَتَّى تَبْلُغَ سَبْعًا، فَلَا يَبْقَى لَهُ حَضَانَتُهَا، بَلْ تُسَلَّمُ إِلَى مَحْرَمِهَا أَوِ امْرَأَةِ ثِقَةٍ. وَقَالَ أبو البركات فِي " مُحَرَّرِهِ ": لَا حَضَانَةَ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَحْرَمًا بِرَضَاعٍ أَوْ نَحْوِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَالْحُكْمُ بِالْحَضَانَةِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ هَلْ وَقَعَ لِلْخَالَةِ أَوْ لجعفر؟

قِيلَ: هَذَا مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ، مَنْشَؤُهُمَا اخْتِلَافُ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ، فَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " مِنْ حَدِيثِ البراء: فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالَتِهَا.

وَعَنْ أبي داود: مِنْ حَدِيثِ رافع بن عجير، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ علي فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ. ( «وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَأَقْضِي بِهَا لجعفر تَكُونُ مَعَ خَالَتِهَا، وَإِنَّمَا الْخَالَةُ أُمٌّ» ) . ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَقَالَ: قَضَى بِهَا لجعفر؛ لِأَنَّ خَالَتَهَا عِنْدَهُ، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ إسرائيل، عَنْ أبي إسحاق، عَنْ هانئ بن هانئ وهبيرة بن يريم، وَقَالَ: ( «فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالَتِهَا، وَقَالَ: الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ» ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>