للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: (امْرَأَتُكَ تَقُولُ: إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي، وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي، وَيَقُولُ الْعَبْدُ: أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي. وَيَقُولُ الِابْنُ: أَطْعِمْنِي إِلَى مَنْ تَدَعُنِي) فَجَعَلَ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ وَالرَّقِيقِ وَالْوَلَدِ كُلَّهَا الْإِطْعَامَ لَا التَّمْلِيكَ.

وَرَوَى النَّسَائِيُّ هَذَا مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي.

وَقَالَ تَعَالَى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: ٨٩] [الْمَائِدَةِ: ٨٩] ، وَصَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: (الْخُبْزُ وَالزَّيْتُ) ، وَصَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (الْخُبْزُ وَالسَّمْنُ، وَالْخُبْزُ وَالتَّمْرُ، وَمِنْ أَفْضَلِ مَا تُطْعِمُونَ الْخُبْزُ وَاللَّحْمُ) .

فَفَسَّرَ الصَّحَابَةُ إِطْعَامَ الْأَهْلِ بِالْخُبْزِ مَعَ غَيْرِهِ مِنَ الْأُدْمِ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ ذَكَرَا الْإِنْفَاقَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَلَا تَقْدِيرٍ وَلَا تَقْيِيدٍ، فَوَجَبَ رَدُّهُ إِلَى الْعُرْفِ لَوْ لَمْ يَرُدَّهُ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَيْفَ وَهُوَ الَّذِي رَدَّ ذَلِكَ إِلَى الْعُرْفِ، وَأَرْشَدَ أُمَّتَهُ إِلَيْهِ؟ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ إِنَّمَا يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى أَهْلِيهِمْ حَتَّى مَنْ يُوجِبُ التَّقْدِيرَ: الْخُبْزُ وَالْإِدَامُ دُونَ الْحَبِّ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ إِنَّمَا كَانُوا يُنْفِقُونَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ، كَذَلِكَ دُونَ تَمْلِيكِ الْحَبِّ وَتَقْدِيرِهِ؛ وَلِأَنَّهَا نَفَقَةٌ وَاجِبَةٌ بِالشَّرْعِ، فَلَمْ تُقَدَّرْ بِالْحَبِّ كَنَفَقَةِ الرَّقِيقِ، وَلَوْ كَانَتْ مُقَدَّرَةً لَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هندا أَنْ تَأْخُذَ الْمُقَدَّرَ لَهَا شَرْعًا، وَلَمَّا أَمَرَهَا أَنْ تَأْخُذَ مَا يَكْفِيهَا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ وَرَدَّ الِاجْتِهَادَ فِي ذَلِكَ إِلَيْهَا، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ قَدْرَ كِفَايَتِهَا لَا يَنْحَصِرُ فِي مُدَّيْنِ وَلَا فِي رِطْلَيْنِ، بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِمَا وَلَا يَنْقُصُ، وَلَفْظُهُ لَمْ يَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ بِوَجْهٍ، وَلَا إِيمَاءٍ، وَلَا إِشَارَةٍ، وَإِيجَابُ مُدَّيْنِ أَوْ رِطْلَيْنِ خُبْزًا قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنَ الْكِفَايَةِ، فَيَكُونُ تَرْكًا

<<  <  ج: ص:  >  >>