زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» ) وَهُوَ فِي " الْمُسْنَدِ " وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا، فأبو جعفر قَدْ ضَعَّفَهُ أحمد وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ يَخْلِطُ. وَقَالَ أبو زرعة كَانَ يَهِمُ كَثِيرًا. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَنْفَرِدُ بِالْمَنَاكِيرِ عَنِ الْمَشَاهِيرِ.
وَقَالَ لِي شَيْخُنَا ابن تيمية قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ: وَهَذَا الْإِسْنَادُ نَفْسُهُ هُوَ إِسْنَادُ حَدِيثِ {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ} [الأعراف: ١٧٢] [الْأَعْرَافِ ١٧٢] . حَدِيثَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ الطَّوِيلَ، وَفِيهِ: ( «وَكَانَ رُوحُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ تِلْكَ الْأَرْوَاحِ الَّتِي أَخَذَ عَلَيْهَا الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ فِي زَمَنِ آدَمَ، فَأَرْسَلَ تِلْكَ الرُّوحَ إِلَى مريم عَلَيْهَا السَّلَامُ حِينَ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا، فَأَرْسَلَهُ اللَّهُ فِي صُورَةِ بَشَرٍ فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا، قَالَ: فَحَمَلَتِ الَّذِي يُخَاطِبُهَا، فَدَخَلَ مِنْ فِيهَا» ) ، وَهَذَا غَلَطٌ مَحْضٌ، فَإِنَّ الَّذِي أَرْسَلَ إِلَيْهَا الْمَلَكَ الَّذِي قَالَ لَهَا: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} [مريم: ١٩] [مَرْيَمَ: ١٩] وَلَمْ يَكُنِ الَّذِي خَاطَبَهَا بِهَذَا هُوَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، هَذَا مُحَالٌ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أبا جعفر الرازي صَاحِبُ مَنَاكِيرَ، لَا يَحْتَجُّ بِمَا تَفَرَّدَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْبَتَّةَ، وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا الْقُنُوتِ الْمُعَيَّنِ الْبَتَّةَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْقُنُوتَ هَذَا الدُّعَاءُ، فَإِنَّ الْقُنُوتَ يُطْلَقُ عَلَى الْقِيَامِ، وَالسُّكُوتِ، وَدَوَامِ الْعِبَادَةِ، وَالدُّعَاءِ، وَالتَّسْبِيحِ، وَالْخُشُوعِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [الروم: ٢٦] [الرُّومِ: ٢٦] ، وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute