تَعَالَى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر: ٩] [الزُّمَرِ ٩] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: ١٢] [التَّحْرِيمِ ٢١] ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» ) . وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] [الْبَقَرَةِ ٢٣٨] أُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ.
وأنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَقُلْ: لَمْ يَزَلْ يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ رَافِعًا صَوْتَهُ ( «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ» ) ... إِلَى آخِرِهِ وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ قَوْلَهُ: ( «رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ» )
إِلَى آخِرِ الدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ الَّذِي كَانَ يَقُولُهُ -قُنُوتٌ، وَتَطْوِيلَ هَذَا الرُّكْنِ قُنُوتٌ، وَتَطْوِيلَ الْقِرَاءَةِ قُنُوتٌ، وَهَذَا الدُّعَاءَ الْمُعَيَّنَ قُنُوتٌ، فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّ أنسا إِنَّمَا أَرَادَ هَذَا الدُّعَاءَ الْمُعَيَّنَ دُونَ سَائِرِ أَقْسَامِ الْقُنُوتِ؟ وَلَا يُقَالُ: تَخْصِيصُهُ الْقُنُوتَ بِالْفَجْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ دَلِيلٌ عَلَى إِرَادَةِ الدُّعَاءِ الْمُعَيَّنِ، إِذْ سَائِرُ مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ أَقْسَامِ الْقُنُوتِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْفَجْرِ وَغَيْرِهَا، وأنس خَصَّ الْفَجْرَ دُونَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ بِالْقُنُوتِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ الدُّعَاءُ عَلَى الْكُفَّارِ، وَلَا الدُّعَاءُ لِلْسُمْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، لِأَنَّ أنسا قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ قَنَتَ شَهْرًا ثُمَّ تَرَكَهُ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الدُّعَاءُ الَّذِي دَاوَمَ عَلَيْهِ هُوَ الْقُنُوتَ الْمَعْرُوفَ، وَقَدْ قَنَتَ أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute