تَضْعِيفُ قيس عَنْ يحيى، وَذَكَرَ سَبَبَ تَضْعِيفِهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ: سَأَلْتُ يحيى عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ: ضَعِيفٌ لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، كَانَ يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ عَنْ عبيدة، وَهُوَ عِنْدَهُ عَنْ منصور، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُوجِبُ رَدَّ حَدِيثِ الرَّاوِي، لِأَنَّ غَايَةَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ غَلِطَ وَوَهِمَ فِي ذِكْرِ عبيدة بَدَلَ منصور، وَمَنِ الَّذِي يَسْلَمُ مِنْ هَذَا مِنَ الْمُحَدِّثِينَ؟
الثَّالِثُ: أَنَّ أنسا أَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَقْنُتُونَ، وَأَنَّ بَدْءَ الْقُنُوتِ هُوَ قُنُوتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ، فَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أنس قَالَ: ( «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ رَجُلًا لِحَاجَةٍ يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ، فَعَرَضَ لَهُمْ حَيَّانِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ رِعْلٍ وَذَكْوَانَ عِنْدَ بِئْرٍ يُقَالُ لَهُ بِئْرُ مَعُونَةَ، فَقَالَ الْقَوْمُ: وَاللَّهِ مَا إِيَّاكُمْ أَرَدْنَا، وَإِنَّمَا نَحْنُ مُجْتَازُونَ فِي حَاجَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَتَلُوهُمْ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ شَهْرًا فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ، فَذَلِكَ بَدْءُ الْقُنُوتِ، وَمَا كُنَّا نَقْنُتُ» ) .
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُنُوتُ دَائِمًا، وَقَوْلُ أنس: فَذَلِكَ بَدْءُ الْقُنُوتِ، مَعَ قَوْلِهِ: قَنَتَ شَهْرًا ثُمَّ تَرَكَهُ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِمَا أَثْبَتَهُ مِنَ الْقُنُوتِ قُنُوتَ النَّوَازِلِ، وَهُوَ الَّذِي وَقَّتَهُ بِشَهْرٍ، وَهَذَا كَمَا قَنَتَ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ شَهْرًا، كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أبي سلمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ شَهْرًا يَقُولُ فِي قُنُوتِهِ: (اللَّهُمَّ أَنْجِ الوليد بن الوليد، اللَّهُمَّ أَنْجِ سلمة بن هشام، اللَّهُمَ أَنْجِ عياش بن أبي ربيعة، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ) » .
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَأَصْبَحَ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ يَدْعُ لَهُمْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: أَوَمَا تَرَاهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute