- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: ائْذَنِي لِأَفْلَحَ؛ فَإِنَّهُ عَمُّكِ» ) ، فَأَثْبَتَ الْعُمُومَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ بِلَبَنِ الْفَحْلِ وَحْدَهُ، فَإِذَا ثَبَتَتِ الْعُمُومَةُ بَيْنَ الْمُرْتَضِعَةِ وَبَيْنَ أَخِي صَاحِبِ اللَّبَنِ، فَثُبُوتُ الْأُخُوَّةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ابْنِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى أَوْ مِثْلِهِ.
فَالسُّنَّةُ بَيَّنَتْ مُرَادَ الْكِتَابِ لَا أَنَّهَا خَالَفَتْهُ، وَغَايَتُهَا أَنْ تَكُونَ أَثْبَتَتْ تَحْرِيمَ مَا سَكَتَ عَنْهُ، أَوْ تَخْصِيصَ مَا لَمْ يَرِدْ عُمُومُهُ.
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَرَوْنَ التَّحْرِيمَ بِذَلِكَ فَدَعْوَى بَاطِلَةٌ عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، فَقَدْ صَحَّ عَنْ علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِثْبَاتُ التَّحْرِيمِ بِهِ، وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ أَرْضَعَتْ إِحْدَاهُمَا جَارِيَةً وَالْأُخْرَى غُلَامًا أَيَحِلُّ أَنْ يَنْكِحَهَا؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا، اللِّقَاحُ وَاحِدٌ، وَهَذَا الْأَثَرُ الَّذِي اسْتَدْلَلْتُمْ بِهِ صَرِيحٌ عَنِ الزبير أَنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ زينب ابْنَتُهُ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ، وَهَذِهِ عائشة أم المؤمنين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ تُفْتِي: أَنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، فَلَمْ يَبْقَ بِأَيْدِيكُمْ إِلَّا عبد الله بن الزبير، وَأَيْنَ يَقَعُ مِنْ هَؤُلَاءِ.
وَأَمَّا الَّذِينَ سَأَلَتْهُمْ فَأَفْتَوْهَا بِالْحِلِّ فَمَجْهُولُونَ غَيْرُ مُسَمَّيْنَ، وَلَمْ يَقُلِ الرَّاوِي: فَسَأَلَتْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ مُتَوَافِرُونَ، بَلْ لَعَلَّهَا أَرْسَلَتْ فَسَأَلَتْ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ مِنْهُمْ فَأَفْتَاهَا بِمَا أَفْتَاهَا بِهِ عبد الله بن الزبير، وَلَمْ يَكُنِ الصَّحَابَةُ إِذْ ذَاكَ مُتَوَافِرِينَ بِالْمَدِينَةِ، بَلْ كَانَ مُعْظَمُهُمْ وَأَكَابِرُهُمْ بِالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَمِصْرَ.
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ الرَّضَاعَةَ إِنَّمَا هِيَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّمَا اللَّبَنُ لِلْأَبِ الَّذِي ثَارَ بِوَطْئِهِ، وَالْأُمُّ وِعَاءٌ لَهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ تَثْبُتُ أُبُوَّةُ صَاحِبِ اللَّبَنِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ أُمُومَةُ الْمُرْضِعَةِ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute