الْمَهْدِ مَا يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ، وَهَذَا رِوَايَةٌ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ رَضَعَاتٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وأبي عبيد، وابن المنذر، وداود بن علي، وَهُوَ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ عَنْ أحمد.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: لَا يَثْبُتُ بِأَقَلَّ مِنْ خَمْسِ رَضَعَاتٍ، وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وعطاء، وَطَاوُسٍ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ عَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْهَا: أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ أَقَلُّ مِنْ سَبْعٍ، وَالثَّالِثَةُ: لَا يُحَرِّمُ أَقَلُّ مِنْ عَشْرٍ. وَالْقَوْلُ بِالْخَمْسِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وأحمد فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ، وَخَالَفَ داود فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
فَحُجَّةُ الْأَوَّلِينَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَّقَ التَّحْرِيمَ بِاسْمِ الرَّضَاعَةِ، فَحَيْثُ وُجِدَ اسْمُهَا وُجِدَ حُكْمُهَا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» وَهَذَا مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِ الْقُرْآنِ.
وَثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ "، «عَنْ عقبة بن الحارث، أَنَّهُ تَزَوَّجَ أم يحيى بنت أبي إهاب، فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، قَالَ: فَتَنَحَّيْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ: وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا فَنَهَاهُ عَنْهَا» ، وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ عَدَدِ الرَّضَاعِ، قَالُوا: وَلِأَنَّهُ فِعْلٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ، فَاسْتَوَى قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، كَالْوَطْءِ الْمُوجِبِ لَهُ، قَالُوا: وَلِأَنَّ إِنْشَازَ الْعَظْمِ، وَإِنْبَاتَ اللَّحْمِ يَحْصُلُ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ. قَالُوا: وَلِأَنَّ أَصْحَابَ الْعَدَدِ قَدِ اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُهُمْ فِي الرَّضْعَةِ وَحَقِيقَتِهَا، وَاضْطَرَبَتْ أَشَدَّ الِاضْطِرَابِ، وَمَا كَانَ هَكَذَا لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute