بِالرَّضْعَةِ وَالرَّضْعَتَيْنِ، وَأَمَّا صَاحِبُ الثَّلَاثِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُخَالِفْهَا، فَهُوَ مُخَالِفٌ لِأَحَادِيثِ الْخَمْسِ.
قَالَ مَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْخَمْسِ: حَدِيثُ الْخَمْسِ لَمْ تَنْقُلْهُ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا نَقْلَ الْأَخْبَارِ، فَيُحْتَجُّ بِهِ، وَإِنَّمَا نَقَلَتْهُ نَقْلَ الْقُرْآنِ، وَالْقُرْآنُ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ، وَالْأُمَّةُ لَمْ تَنْقُلْ ذَلِكَ قُرْآنًا، فَلَا يَكُونُ قُرْآنًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا وَلَا خَبَرًا، امْتَنَعَ إِثْبَاتُ الْحُكْمِ بِهِ.
قَالَ أَصْحَابُ الْخَمْسِ: الْكَلَامُ فِيمَا نُقِلَ مِنَ الْقُرْآنِ آحَادًا فِي فَصْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا: كَوْنُهُ مِنَ الْقُرْآنِ، وَالثَّانِي: وُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُمَا حُكْمَانِ مُتَغَايِرَانِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ يُوجِبُ انْعِقَادَ الصَّلَاةِ بِهِ، وَتَحْرِيمَ مَسِّهِ عَلَى الْمُحْدِثِ، وَقِرَاءَتِهِ عَلَى الْجُنُبِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، فَإِذَا انْتَفَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ لِعَدَمِ التَّوَاتُرِ، لَمْ يَلْزَمِ انْتِفَاءُ الْعَمَلِ بِهِ، فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ، وَقَدِ احْتَجَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ بِهِ فِي مَوْضِعٍ، فَاحْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ وأحمد فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَاحْتَجَّ بِهِ أبو حنيفة فِي وُجُوبِ التَّتَابُعِ فِي صِيَامِ الْكَفَّارَةِ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ " فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ ". وَاحْتَجَّ بِهِ مالك وَالصَّحَابَةُ قَبْلَهُ فِي فَرْضِ الْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ أَنَّهُ السُّدُسُ بِقِرَاءَةِ أُبَيٍّ، " وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً، أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ، أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ "، فَالنَّاسُ كُلُّهُمُ احْتَجُّوا بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ، وَلَا مُسْتَنَدَ لِلْإِجْمَاعِ سِوَاهَا.
قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ نَقْلُهُ قُرْآنًا أَوْ خَبَرًا، قُلْنَا: بَلْ قُرْآنًا صَرِيحًا. قَوْلُكُمْ: فَكَانَ يَجِبُ نَقْلُهُ مُتَوَاتِرًا، قُلْنَا: حَتَّى إِذَا نُسِخَ لَفْظُهُ أَوْ بَقِيَ، أَمَّا الْأَوَّلُ، فَمَمْنُوعٌ، وَالثَّانِي، مُسَلَّمٌ، وَغَايَةُ مَا فِي الْأَمْرِ أَنَّهُ قُرْآنٌ نُسِخَ لَفْظُهُ، وَبَقِيَ حُكْمُهُ، فَيَكُونُ لَهُ حُكْمُ قَوْلِهِ: " الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا " مِمَّا اكْتُفِيَ بِنَقْلِهِ آحَادًا، وَحُكْمُهُ ثَابِتٌ، وَهَذَا مِمَّا لَا جَوَابَ عَنْهُ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ مَذْهَبَانِ آخَرَانِ ضَعِيفَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute