الِاشْتِرَاكِ رَأْسًا، وَمَا يُدَّعَى فِيهِ الِاشْتِرَاكُ، فَهُوَ عِنْدَهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَوَاطِئِ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ، فَمَنْصِبُهُ فِي الْعِلْمِ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ هَذَا، وَإِنَّمَا اسْتُنْبِطَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ: إِذَا أَوْصَى لِمَوَالِيهِ تَنَاوَلَ الْمَوْلَى مِنْ فَوْقَ وَمِنْ أَسْفَلَ، وَهَذَا قَدْ يَكُونُ قَالَهُ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْمَوْلَى مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمُتَوَاطِئَةِ، وَأَنَّ مَوْضِعَهُ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمُتَضَايِفَةِ، كَقَوْلِهِ " «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ» وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يُحْكَى عَنْهُ قَاعِدَةٌ عَامَّةٌ فِي الْأَسْمَاءِ الَّتِي لَيْسَ مِنْ مَعَانِيهَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ أَنْ تُحْمَلَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهَا، ثُمَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ وُجُوهٌ.
أَحَدُهَا: أَنَّ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ فِي مَعْنَيَيْهِ إِنَّمَا هُوَ مَجَازٌ، إِذْ وَضْعُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى سَبِيلِ الِانْفِرَادِ هُوَ الْحَقِيقَةُ، وَاللَّفْظُ الْمُطْلَقُ لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ، بَلْ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُمَا مُنْفَرِدَيْنِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُجْتَمَعَيْنِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ حِينَئِذٍ ثَلَاثَةُ مَفَاهِيمَ، فَالْحَمْلُ عَلَى أَحَدِ مَفَاهِيمِهِ دُونَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ مُوجِبٍ مُمْتَنِعٌ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَسْتَحِيلُ حَمْلُهُ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ، إِذْ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا وَحْدَهُ، وَعَلَيْهِمَا مَعًا مُسْتَلْزِمٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، فَيَسْتَحِيلُ حَمْلُهُ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ، وَحَمْلُهُ عَلَيْهِمَا مَعًا حَمْلٌ لَهُ عَلَى بَعْضِ مَفْهُومَاتِهِ، فَحَمْلُهُ عَلَى جَمِيعِهَا يُبْطِلُ حَمْلَهُ عَلَى جَمِيعِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute