للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْضَتَانِ» ، فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ الْعَوْفِيِّ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَالصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا رَوَاهُ سالم، ونافع مِنْ قَوْلِهِ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ سالم ونافع، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: طَلَاقُ الْعَبْدِ الْحُرَّةَ تَطْلِيقَتَانِ، وَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، وَطَلَاقُ الْحُرِّ الْأَمَةَ تَطْلِيقَتَانِ، وَعِدَّتُهَا عِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ.

قَالُوا: وَالثَّابِتُ بِلَا شَكٍّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ الْأَقْرَاءَ: الْأَطْهَارُ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَخْبَرَنَا مالك رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنْ نافع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ، وَلَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا.

قَالُوا: فَهَذَا الْحَدِيثُ مَدَارُهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، وعائشة، وَمَذْهَبُهُمَا بِلَا شَكٍّ أَنَّ الْأَقْرَاءَ: الْأَطْهَارُ، فَكَيْفَ يَكُونُ عِنْدَهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُ ذَلِكَ، وَلَا يَذْهَبَانِ إِلَيْهِ؟ قَالُوا: وَهَذَا بِعَيْنِهِ هُوَ الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ عائشة الْآخَرِ: «أُمِرَتْ بريرة أَنْ تَعْتَدَّ ثَلَاثَ حِيَضٍ.»

قَالُوا: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ: أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ، وَأُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ، وَأُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ ثَلَاثَ حِيَضٍ، فَلَعَلَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى " ثَلَاثَ حِيَضٍ " مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَعْنَى، وَمِنَ الْعَجَبِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا هَذَا وَهِيَ تَقُولُ: الْأَقْرَاءُ: الْأَطْهَارُ، وَأَعْجَبُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا السَّنَدِ الْمَشْهُورِ الَّذِي كُلُّهُمْ أَئِمَّةٌ، وَلَا يُخَرِّجُهُ أَصْحَابُ الصَّحِيحِ، وَلَا الْمَسَانِدِ، وَلَا مَنِ اعْتَنَى بِأَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ وَجَمْعِهَا، وَلَا الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ، وَكَيْفَ يَصْبِرُ عَنْ إِخْرَاجِ هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ هُوَ مُضْطَرٌّ إِلَيْهِ، وَلَا سِيَّمَا بِهَذَا السَّنَدِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي هُوَ كَالشَّمْسِ شُهْرَةً، وَلَا شَكَّ أَنَّ بريرة أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ، وَأَمَّا إِنَّهَا أُمِرَتْ بِثَلَاثِ حِيَضٍ، فَهَذَا لَوْ صَحَّ لَمْ نَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَبَادَرْنَا إِلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>