للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَشْهُرَ بَدَلٌ عَنِ الْحَيْضِ الَّذِي يَئِسْنَ مِنْهُ، لَا عَنِ الطُّهْرِ، وَهَذَا وَاضِحٌ.

قَوْلُكُمْ: حَدِيثُ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَعْلُولٌ بمظاهر بن أسلم وَمُخَالَفَةِ عائشة لَهُ، فَنَحْنُ إِنَّمَا احْتَجَجْنَا عَلَيْكُمْ بِمَا اسْتَدْلَلْتُمْ بِهِ عَلَيْنَا فِي كَوْنِ الطَّلَاقِ بِالنِّسَاءِ لَا بِالرِّجَالِ، فَكُلُّ مَنْ صَنَّفَ مِنْ أَصْحَابِكُمْ فِي طَرِيقِ الْخِلَافِ، أَوِ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ طَلَاقَ الْعَبْدِ طَلْقَتَانِ، احْتَجَّ عَلَيْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ.، وَقَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَاقَ الْعَبْدِ تَطْلِيقَتَيْنِ، فَاعْتَبَرَ الطَّلَاقَ بِالرِّجَالِ لَا بِالنِّسَاءِ، وَاعْتَبَرَ الْعِدَّةَ بِالنِّسَاءِ، فَقَالَ: وَعِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ. فَيَا سُبْحَانَ اللَّهِ يَكُونُ الْحَدِيثُ سَلِيمًا مِنَ الْعِلَلِ إِذَا كَانَ حُجَّةً لَكُمْ، فَإِذَا احْتَجَّ بِهِ مُنَازِعُوكُمْ عَلَيْكُمُ اعْتَوَرَتْهُ الْعِلَلُ الْمُخْتَلِفَةُ فَمَا أَشْبَهَهُ بِقَوْلِ الْقَائِلِ

يَكُونُ أُجَاجًا دُونَكُمْ فَإِذَا انْتَهَى ... إِلَيْكُمْ تَلَقَّى نَشْرَكُمْ فَيَطِيبُ

فَنَحْنُ إِنَّمَا كِلْنَا لَكُمْ بِالصَّاعِ الَّذِي كِلْتُمْ لَنَا بِهِ بَخْسًا بِبَخْسٍ، وَإِيفَاءً بِإِيفَاءٍ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ مُظَاهِرًا مِمَّنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ لَكِنْ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُعْتَضَدَ بِحَدِيثِهِ وَيُقَوَّى بِهِ وَالدَّلِيلُ غَيْرُهُ.

وَأَمَّا تَعْلِيلُهُ بِخِلَافِ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَهُ، فَأَيْنَ ذَلِكَ مِنْ تَقْرِيرِكُمْ أَنَّ مُخَالَفَةَ الرَّاوِي لَا تُوجِبُ رَدَّ حَدِيثِهِ وَأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَا رَوَاهُ لَا بِمَا رَآهُ، وَتَكَثُّرِكُمْ مِنَ الْأَمْثِلَةِ الَّتِي أَخَذَ النَّاسُ فِيهَا بِالرِّوَايَةِ دُونَ مُخَالَفَةِ رَاوِيهَا لَهَا، كَمَا أَخَذُوا بِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَضَمِّنَةِ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ مَعَ بَيْعِ الزَّوْجَةِ، وَتَرَكُوا رَأْيَهُ بِأَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَأَمَّا رَدُّكُمْ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ( «طَلَاقُ الْأَمَةِ طَلْقَتَانِ وَقَرْؤُهَا حَيْضَتَانِ» ) بعطية العوفي، فَهُوَ وَإِنْ ضَعَّفَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَقَدِ احْتَمَلَ النَّاسُ حَدِيثَهُ وَخَرَّجُوهُ فِي السُّنَنِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةِ عَبَّاسٍ الدُّورِيِّ عَنْهُ صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ: رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>