الثِّقَاتِ، وَهُوَ مَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ فَيُعْتَضَدُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَمَدْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ.
وَأَمَّا رَدُّكُمُ الْحَدِيثَ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ مَذْهَبُهُ: أَنَّ الْقُرُوءَ الْأَطْهَارُ، فَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا يُورِثُ شُبْهَةً فِي الْحَدِيثِ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا بِأَوَّلِ حَدِيثٍ خَالَفَهُ رَاوِيهِ، فَكَانَ الِاعْتِبَارُ بِمَا رَوَاهُ لَا بِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ:، وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ عَنْ رَدِّكُمْ لِحَدِيثِ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِمَذْهَبِهَا، وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى الْأَحَادِيثِ بِمُخَالَفَةِ الرُّوَاةِ لَهَا.
وَأَمَّا رَدُّكُمْ لِحَدِيثِ الْمُخْتَلِعَةِ وَأَمْرِهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ، فَإِنَّا لَا نَقُولُ بِهِ، فَلِلنَّاسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أحمد أَحَدُهُمَا: أَنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ ومالك، وأبي حنيفة.
وَالثَّانِي: أَنَّ عِدَّتَهَا حَيْضَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَبِهِ يَقُولُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وابن المنذر، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الدَّلِيلِ، وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِيهِ لَا مُعَارِضَ لَهَا، وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِيهِ حُكْمًا، وَسَنُبَيِّنُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عِنْدَ ذِكْرِ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِدَّةِ الْمُخْتَلِعَةِ.
قَالُوا: وَمُخَالَفَتُنَا لِحَدِيثِ اعْتِدَادِ الْمُخْتَلِعَةِ بِحَيْضَةٍ فِي بَعْضِ مَا اقْتَضَاهُ مِنْ جَوَازِ الِاعْتِدَادِ بِحَيْضَةٍ لَا يَكُونُ عُذْرًا لَكُمْ فِي مُخَالَفَةِ مَا اقْتَضَاهُ مِنْ أَنَّ الْقُرُوءَ الْحِيَضُ، فَنَحْنُ وَإِنْ خَالَفْنَاهُ فِي حُكْمٍ، فَقَدْ وَافَقْنَاهُ فِي الْحُكْمِ الْآخَرِ، وَهُوَ أَنَّ الْقَرْءَ الْحَيْضُ، وَأَنْتُمْ خَالَفْتُمُوهُ فِي الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا هَذَا مَعَ أَنَّ مَنْ يَقُولُ: الْأَقْرَاءُ الْحِيَضُ وَيَقُولُ: الْمُخْتَلِعَةُ تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ قَدْ سَلِمَ مِنْ هَذِهِ الْمُطَالَبَةِ، فَمَاذَا تَرُدُّونَ بِهِ قَوْلَهُ؟
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْتِبْرَاءِ وَالْعِدَّةِ: إِنَّ الْعِدَّةَ وَجَبَتْ قَضَاءً لِحَقِّ الزَّوْجِ، فَاخْتُصَّتْ بِزَمَانِ حَقِّهِ، كَلَامٌ لَا تَحْقِيقَ وَرَاءَهُ، فَإِنَّ حَقَّهُ فِي جِنْسِ الِاسْتِمْتَاعِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، وَلَيْسَ حَقُّهُ مُخْتَصًّا بِزَمَنِ الطُّهْرِ، وَلَا الْعِدَّةُ مُخْتَصَّةٌ بِزَمَنِ الطُّهْرِ دُونَ الْحَيْضِ، وَكِلَا الْوَقْتَيْنِ مَحْسُوبٌ مِنَ الْعِدَّةِ، وَعَدَمُ تَكَرُّرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute