للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ

وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ جَمِيعُ النِّسَاءِ.، ثُمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ هَلْ لِذَلِكَ حَدٌّ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ

أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ حَدٌّ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ.

وَالثَّانِي: لَهُ حَدٌّ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ سِتُّونَ سَنَةً قَالَهُ أبو العباس بن القاص، وَالشَّيْخُ أبو حامد.

وَالثَّانِي: اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً قَالَهُ الشَّيْخُ أبو إسحاق فِي "" الْمُهَذَّبِ ""، وابن الصباغ فِي "" الشَّامِلِ "".

وَأَمَّا أَصْحَابُ مالك رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَمْ يَحُدُّوا سِنَّ الْإِيَاسِ بِحَدٍّ الْبَتَّةَ.

وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: الْيَأْسُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النِّسَاءِ وَلَيْسَ لَهُ حَدٌّ يَتَّفِقُ فِيهِ النُّسَاءُ. وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ أَنَّ يَأْسَ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّ الْيَأْسَ ضِدُّ الرَّجَاءِ، فَإِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ قَدْ يَئِسَتْ مِنَ الْحَيْضِ وَلَمْ تَرْجُهُ فَهِيَ آيِسَةٌ وَإِنْ كَانَ لَهَا أَرْبَعُونَ أَوْ نَحْوُهَا، وَغَيْرُهَا لَا تَيْأَسُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لَهَا خَمْسُونَ.

وَقَدْ ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: لَا تَلِدُ لِخَمْسِينَ سَنَةً إِلَّا عَرَبِيَّةٌ، وَلَا تَلِدُ لِسِتِّينَ سَنَةً إِلَّا قُرَشِيَّةٌ.، وَقَالَ: إِنَّ هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن ربيعة وَلَدَتْ موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَهَا سِتُّونَ سَنَةً.

وَقَدْ صَحَّ (، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي امْرَأَةٍ طُلِّقَتْ فَحَاضَتْ حَيْضَةً، أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ يَرْتَفِعُ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ، أَنَّهَا تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنِ اسْتَبَانَ بِهَا حَمْلٌ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ) وَقَدْ وَافَقَهُ الْأَكْثَرُونَ عَلَى هَذَا مِنْهُمْ مالك، وأحمد، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ. قَالُوا: تَتَرَبَّصُ غَالِبَ مُدَّةِ الْحَمْلِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْآيِسَةِ، ثُمَّ تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ وَلَوْ كَانَتْ بِنْتَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، أَوْ أَرْبَعِينَ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ تَكُونُ الْمَرْأَةُ آيِسَةً عِنْدَهُمْ قَبْلَ الْخَمْسِينَ وَقَبْلَ الْأَرْبَعِينَ، وَأَنَّ الْيَأْسَ عِنْدَهُمْ لَيْسَ وَقْتًا مَحْدُودًا لِلنِّسَاءِ، بَلْ مِثْلُ هَذِهِ تَكُونُ آيِسَةً وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ ثَلَاثِينَ، وَغَيْرُهَا لَا تَكُونُ آيِسَةً وَإِنْ بَلَغَتْ خَمْسِينَ. وَإِذَا كَانُوا فِيمَنِ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا، وَلَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ جَعَلُوهَا آيِسَةً بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَالَّتِي تَدْرِي مَا رَفَعَهُ إِمَّا بِدَوَاءٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>