للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُلَازَمَةُ حِينَئِذٍ، وَأَطْلَقَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ الْجَوَابَ هَكَذَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ مُلَازَمَةَ الْمَنْزِلِ وَاجِبَةٌ عَلَيْهَا مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا فِيهِ ضَرَرٌ بِأَنْ تُطَالِبَ بِالْأُجْرَةِ، أَوْ يُخْرِجَهَا الْوَارِثُ، أَوِ الْمَالِكُ فَتَسْقُطُ حِينَئِذٍ.

وَأَمَّا أَصْحَابُ أبي حنيفة فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ لِلْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ، وَلَا لِلْبَائِنِ الْخُرُوجُ مِنْ بَيْتِهَا لَيْلًا، وَلَا نَهَارًا، وَأَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فَتَخْرُجُ نَهَارًا وَبَعْضَ اللَّيْلِ، وَلَكِنْ لَا تَبِيتُ فِي مَنْزِلِهَا قَالُوا: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ نَفَقَتُهَا فِي مَالِ زَوْجِهَا.

فَلَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ كَالزَّوْجَةِ، بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فَإِنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا، فَلَا بُدَّ أَنْ تَخْرُجَ بِالنَّهَارِ لِإِصْلَاحِ حَالِهَا قَالُوا: وَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي يُضَافُ إِلَيْهَا بِالسُّكْنَى حَالَ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ قَالُوا: فَإِنْ كَانَ نَصِيبُهَا مِنْ دَارِ الْمَيِّتِ لَا يَكْفِيهَا، أَوْ أَخْرَجَهَا الْوَرَثَةُ مِنْ نَصِيبِهِمُ انْتَقَلَتْ؛ لِأَنَّ هَذَا عُذْرٌ، وَالْكَوْنُ فِي بَيْتِهَا عِبَادَةٌ، وَالْعِبَادَةُ تَسْقُطُ بِالْعُذْرِ، قَالُوا: فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ كِرَاءِ الْبَيْتِ الَّذِي هِيَ فِيهِ لِكَثْرَتِهِ فَلَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى بَيْتٍ أَقَلَّ كِرَاءً مِنْهُ، وَهَذَا مِنْ كَلَامِهِمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أُجْرَةَ السَّكَنِ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ السَّكَنُ عَنْهَا لِعَجْزِهَا عَنْ أُجْرَتِهِ، وَلِهَذَا صَرَّحُوا بِأَنَّهَا تَسْكُنُ فِي نَصِيبِهَا مِنَ التَّرِكَةِ إِنْ كَفَاهَا، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا سُكْنَى عِنْدَهُمْ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا حَامِلًا كَانَتْ، أَوْ حَائِلًا، وَإِنَّمَا عَلَيْهَا أَنْ تَلْزَمَ مَسْكَنَهَا الَّذِي تُوُفِّيَ زَوْجُهَا وَهِيَ فِيهِ لَيْلًا لَا نَهَارًا، فَإِنْ بَذَلَهُ لَهَا الْوَرَثَةُ وَإِلَّا كَانَتِ الْأُجْرَةُ عَلَيْهَا، فَهَذَا تَحْرِيرُ مَذَاهِبِ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ فِيهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَلَقَدْ أَصَابَ فريعة بنت مالك فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَظِيرُ مَا أَصَابَ فاطمة بنت قيس فِي حَدِيثِهَا، فَقَالَ بَعْضُ الْمُنَازِعِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا نَدْعُ كِتَابَ رَبِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا أَمَرَهَا بِالِاعْتِدَادِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالْمَنْزِلِ. وَقَدْ أَنْكَرَتْ عائشة أم المؤمنين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وُجُوبَ الْمَنْزِلِ وَأَفْتَتِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِالِاعْتِدَادِ حَيْثُ شَاءَتْ كَمَا أَنْكَرَتْ حَدِيثَ فاطمة بنت قيس وَأَوْجَبَتِ السُّكْنَى لِلْمُطَلَّقَةِ.

وَقَالَ بَعْضُ مَنْ نَازَغَ فِي حَدِيثِ الفريعة قَدْ قُتِلَ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>