حنيفة، وأحمد الِاسْتِبْرَاءَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَخْذًا بِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ وَاعْتِبَارًا بِالْعِدَّةِ حَيْثُ تَجِبُ مَعَ الْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَاحْتِجَاجًا بِآثَارِ الصَّحَابَةِ كَمَا ذَكَرَ عبد الرزاق. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ عطاء: تَدَاوَلَ ثَلَاثَةٌ مِنَ التُّجَّارِ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْقَافَةَ فَأَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِأَحَدِهِمْ، ثُمَّ قَالَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (مَنِ ابْتَاعَ جَارِيَةً قَدْ بَلَغَتِ الْمَحِيضَ فَلْيَتَرَبَّصْ بِهَا حَتَّى تَحِيضَ فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَحِضْ فَلْيَتَرَبَّصْ بِهَا خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً)
قَالُوا: وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ الْعِدَّةَ عَلَى مَنْ يَئِسَتْ مِنَ الْمَحِيضِ وَعَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْمَحِيضِ وَجَعَلَهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَالِاسْتِبْرَاءُ عِدَّةُ الْأَمَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْآيِسَةِ وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْمَحِيضِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: الْمَقْصُودُ مِنَ الِاسْتِبْرَاءِ الْعِلْمُ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ، فَحَيْثُ تَيَقَّنَ الْمَالِكُ بَرَاءَةَ رَحِمِ الْأَمَةِ فَلَهُ وَطْؤُهَا، وَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ كَمَا رَوَاهُ عبد الرزاق، عَنْ معمر، عَنْ أيوب، عَنْ نافع (، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِذَا كَانَتِ الْأَمَةُ عَذْرَاءَ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا إِنْ شَاءَ) وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْهُ.
وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أيوب بن عبد الله اللخمي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ (وَقَعَتْ فِي سَهْمِي جَارِيَةٌ يَوْمَ جَلُولَاءَ كَأَنَّ عُنُقَهَا إِبْرِيقُ فِضَّةٍ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا مَلَكْتُ نَفْسِي أَنْ جَعَلْتُ أُقَبِّلُهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ)
وَمَذْهَبُ مالك إِلَى هَذَا يَرْجِعُ، وَهَاكَ قَاعِدَتُهُ وَفُرُوعُهَا: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ، وَقَدْ عَقَدَ قَاعِدَةً لِبَابِ الِاسْتِبْرَاءِ فَنَذْكُرُهَا بِلَفْظِهَا: وَالْقَوْلُ الْجَامِعُ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ أَمَةٍ أُمِنَ عَلَيْهَا الْحَمْلُ فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ، وَكُلُّ مَنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ كَوْنُهَا حَامِلًا، أَوْ شَكَّ فِي حَمْلِهَا، أَوْ تَرَدَّدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute