فِيهِ فَالِاسْتِبْرَاءُ لَازِمٌ فِيهَا، وَكُلُّ مَنْ غَلَبَ الظَّنُّ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا، لَكِنَّهُ مَعَ الظَّنِّ الْغَالِبِ يَجُوزُ حُصُولُهُ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي ثُبُوتِ الِاسْتِبْرَاءِ وَسُقُوطِهِ.
ثُمَّ خَرَّجَ عَلَى ذَلِكَ الْفُرُوعَ الْمُخْتَلِفَةَ، فِيهَا كَاسْتِبْرَاءِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي تُطِيقُ الْوَطْءَ، وَالْآيِسَةِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ مالك، قَالَ صَاحِبُ (الْجَوَاهِرِ) : وَيَجِبُ فِي الصَّغِيرَةِ إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ قَارَبَ سِنَّ الْحَمْلِ كَبِنْتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، أَوْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَفِي إِيجَابِ الِاسْتِبْرَاءِ إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ تُطِيقُ الْوَطْءَ، وَلَا يَحْمِلُ مِثْلُهَا كَبِنْتِ تِسْعٍ وَعَشْرٍ، رِوَايَتَانِ، أَثْبَتَهُ فِي رِوَايَةِ ابن القاسم، وَنَفَاهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يُطِيقُ الْوَطْءَ فَلَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا.
قَالَ: وَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِيمَنْ جَاوَزَتْ سِنَّ الْحَيْضِ، وَلَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْآيِسَةِ، مِثْلَ ابْنَةِ الْأَرْبَعِينَ وَالْخَمْسِينَ.
وَأَمَّا الَّتِي قَعَدَتْ عَنِ الْمَحِيضِ، وَيَئِسَتْ عَنْهُ، فَهَلْ يَجِبُ فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ، أَوْ لَا يَجِبُ؟ رِوَايَتَانِ لابن القاسم، وابن عبد الحكم.
قَالَ المازري: وَوَجْهُ اسْتِبْرَاءِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي تُطِيقُ الْوَطْءَ وَالْآيِسَةِ، أَنَّهُ يُمْكِنُ فِيهِمَا الْحَمْلُ عَلَى النُّدُورِ، أَوْ لِحِمَايَةِ الذَّرِيعَةِ، لِئَلَّا يُدْعَى فِي مَوَاضِعِ الْإِمْكَانِ أَنْ لَا إِمْكَانَ.
قَالَ: وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ خَوْفًا أَنْ تَكُونَ زَنَتْ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالِاسْتِبْرَاءِ لِسُوءِ الظَّنِّ، وَفِيهِ قَوْلَانِ وَالنَّفْيُ لأشهب.
قَالَ وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ الْوَخْشِ، فِيهِ قَوْلَانِ، الْغَالِبُ: عَدَمُ وَطْءِ السَّادَاتِ لَهُنَّ، وَإِنْ كَانَ يَقَعُ فِي النَّادِرِ.
وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ مَنْ بَاعَهَا مَجْبُوبٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، فَفِي وُجُوبِهِ رِوَايَتَانِ عَنْ مالك.
وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ الْمُكَاتَبَةِ إِذَا كَانَتْ تَتَصَرَّفُ ثُمَّ عَجَزَتْ، فَرَجَعَتْ إِلَى سَيِّدِهَا، فابن القاسم يُثْبِتُ الِاسْتِبْرَاءَ، وأشهب يَنْفِيهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ الْبِكْرِ، قَالَ أبو الحسن اللخمي: هُوَ مُسْتَحَبٌّ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute