للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَسُولُهُ بِعَيْنِهِ، وَإِلَّا فَالْمُسْلِمُ لَا يَشْتَرِي صَنَمًا.

فَإِنْ قِيلَ: فَالْخَمْرُ حَلَالٌ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ فَجَوَّزُوا بَيْعَهَا مِنْهُمْ.

قِيلَ: هَذَا هُوَ الَّذِي تَوَهَّمَهُ مَنْ تَوَهَّمَهُ مِنْ عُمَّالِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَتَّى كَتَبَ إِلَيْهِمْ عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَنْهَاهُمْ عَنْهُ، وَأَمَرَ عُمَّالَهُ أَنْ يُوَلُّوا أَهْلَ الْكِتَابِ بَيْعَهَا بِأَنْفُسِهِمْ، وَأَنْ يَأْخُذُوا مَا عَلَيْهِمْ مِنْ أَثْمَانِهَا، فَقَالَ أبو عبيد: حَدَّثَنَا عبد الرحمن، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ إبراهيم بن عبد الأعلى الجعفي، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ نَاسًا يَأْخُذُونَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْخَنَازِيرِ فَقَامَ بلال، فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ، فَقَالَ عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (لَا تَفْعَلُوا وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا) .

قَالَ أبو عبيد: وَحَدَّثَنَا الأنصاري، عَنْ إسرائيل، عَنْ إبراهيم بن عبد الأعلى، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، أَنَّ بلالا قَالَ لعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِنَّ عُمَّالَكَ يَأْخُذُونَ الْخَمْرَ وَالْخَنَازِيرَ فِي الْخَرَاجِ، فَقَالَ: (لَا تَأْخُذُوا مِنْهُمْ، وَلَكِنْ وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا، وَخُذُوا أَنْتُمْ مِنَ الثَّمَنِ) .

قَالَ أبو عبيد: يُرِيدُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْخَمْرَ وَالْخَنَازِيرَ مِنْ جِزْيَةِ رُؤُوسِهِمْ، وَخَرَاجُ أَرْضِهِمْ بِقِيمَتِهَا، ثُمَّ يَتَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ بَيْعَهَا، فَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ بلال، وَنَهَى عَنْهُ عمر، ثُمَّ رَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا ذَلِكَ مِنْ أَثْمَانِهَا إِذَا كَانَ أَهْلُ الذِّمَّةِ هُمُ الْمُتَوَلِّينَ لِبَيْعِهَا؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ وَالْخَنَازِيرَ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَا تَكُونُ مَالًا لِلْمُسْلِمِينَ.

قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ حَدِيثٌ آخَرُ لعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَدَّثَنَا علي بن معبد، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَتَبَ إِلَى الْعُمَّالِ يَأْمُرُهُمْ بِقَتْلِ الْخَنَازِيرِ وَقَبْضِ أَثْمَانِهَا لِأَهْلِ الْجِزْيَةِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>