تَعْدِيدِهَا، لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَطُّ، وَقَدِ اتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى إِبَاحَةِ مَنَافِعِ كَلْبِ الصَّيْدِ مِنَ الِاصْطِيَادِ وَالْحِرَاسَةِ، وَهُمَا جُلُّ مَنَافِعِهِ، وَلَا يُقْتَنَى إِلَّا لِذَلِكَ، فَمَنِ الَّذِي رَأَى مَنَافِعَهُ كُلَّهَا مُحَرَّمَةٌ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تُرَادَ مَنَافِعُهُ الشَّرْعِيَّةُ؟ فَإِنَّ إِعَارَتَهُ جَائِزَةٌ.
وَقَوْلُهُ: وَمَنْ رَأَى جَمِيعَهَا مُحَلَّلَةً، أَجَازَ، كَلَامٌ فَاسِدٌ أَيْضًا، فَإِنَّ مَنَافِعَهُ الْمَذْكُورَةَ مُحَلَّلَةٌ اتِّفَاقًا، وَالْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ.
وَقَوْلُهُ: وَمَنْ رَآهَا مُتَنَوِّعَةً، نَظَرَ، هَلِ الْمَقْصُودُ الْمُحَلَّلُ أَوِ الْمُحَرَّمُ؟ كَلَامٌ لَا فَائِدَةَ تَحْتَهُ الْبَتَّةَ، فَإِنَّ مَنْفَعَةَ كَلْبِ الصَّيْدِ هِيَ الِاصْطِيَادُ دُونَ الْحِرَاسَةِ، فَأَيْنَ التَّنَوُّعُ وَمَا يُقَدَّرُ فِي الْمَنَافِعِ مِنَ التَّحْرِيمِ يُقَدَّرُ مِثْلُهُ فِي الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ؟ وَقَوْلُهُ: وَمَنْ رَأَى مَنْفَعَةً وَاحِدَةً مُحَرَّمَةً وَهِيَ مَقْصُودَةٌ مَنَعَ. أَظْهَرُ فَسَادًا مِمَّا قَبْلَهُ، فَإِنَّ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ الْمُحَرَّمَةَ لَيْسَتْ هِيَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ كَلْبِ الصَّيْدِ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ مُشْتَرِيَهُ قَصَدَهَا، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَصَدَ مَنْفَعَةً مُحَرَّمَةً مِنْ سَائِرِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَتَبَيَّنَ فَسَادُ هَذَا التَّأْصِيلِ، وَأَنَّ الْأَصْلَ الصَّحِيحَ هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ الصَّرِيحُ الَّذِي لَا مُعَارِضَ لَهُ الْبَتَّةَ مِنْ تَحْرِيمِ بَيْعِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَلْبُ الصَّيْدِ مُسْتَثْنًى مِنَ النَّوْعِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ الترمذي، مِنْ حَدِيثِ جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، إِلَّا كَلْبَ الصَّيْدِ» ) .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنِي إبراهيم بن الحسن المصيصي، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أبي الزبير، عَنْ جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute