للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ ذَاتَ مَحْرَمٍ، فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً، فَلَهَا الْمَهْرُ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّ مَنْ تَحْرُمُ ابْنَتُهَا كَالْأُمِّ وَالْبِنْتِ وَالْأُخْتِ، فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَمَنْ تَحِلُّ ابْنَتُهَا كَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ، فَلَهَا الْمَهْرُ.

وَقَالَ أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا مَهْرَ لِلْمُكْرَهَةِ عَلَى الزِّنَى بِحَالٍ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا.

فَمَنْ أَوْجَبَ الْمَهْرَ، قَالَ: إِنَّ اسْتِيفَاءَ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ جُعِلَ مُقَوَّمًا فِي الشَّرْعِ بِالْمَهْرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِلْمُخْتَارَةِ؛ لِأَنَّهَا بَاذِلَةٌ لِلْمَنْفَعَةِ الَّتِي عِوَضُهَا لَهَا، فَلَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ، كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي إِتْلَافِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا لِمَنْ أَتْلَفَهُ.

وَمَنْ لَمْ يُوجِبْهُ قَالَ: الشَّارِعُ إِنَّمَا جَعَلَ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ مُتَقَوِّمَةً بِالْمَهْرِ فِي عَقْدٍ أَوْ شُبْهَةِ عَقْدٍ، وَلَمْ يُقَوِّمْهَا بِالْمَهْرِ فِي الزِّنَى الْبَتَّةَ، وَقِيَاسُ السِّفَاحِ عَلَى النِّكَاحِ مِنْ أَفْسَدِ الْقِيَاسِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا جَعَلَ الشَّارِعُ فِي مُقَابَلَةِ هَذَا الِاسْتِمْتَاعِ الْحَدَّ وَالْعُقُوبَةَ، فَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ضَمَانِ الْمَهْرِ. قَالُوا: وَالْوُجُوبُ إِنَّمَا يُتَلَقَّى مِنَ الشَّارِعِ مِنْ نَصِّ خِطَابِهِ أَوْ عُمُومِهِ، أَوْ فَحْوَاهُ، أَوْ تَنْبِيهِهِ، أَوْ مَعْنَى نَصِّهِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ثَابِتًا مُتَحَقِّقًا عَنْهُ.

وَغَايَةُ مَا يُدَّعَى قِيَاسُ السِّفَاحِ عَلَى النِّكَاحِ، وَيَا بُعْدَ مَا بَيْنَهُمَا. قَالُوا: وَالْمَهْرُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ خَصَائِصِ النِّكَاحِ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَلِهَذَا إِنَّمَا يُضَافُ إِلَيْهِ فَيُقَالُ: مَهْرُ النِّكَاحِ، وَلَا يُضَافُ إِلَى الزِّنَى، فَلَا يُقَالُ: مُهْرُ الزِّنَا، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَهْرَ وَأَرَادَ بِهِ الْعَقْدَ، كَمَا قَالَ: ( «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ» ) . وَكَمَا قَالَ: ( «وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ» ) . وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>