للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا السَّفَرُ قَبْلَ الزَّوَالِ، فَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ: الْقَدِيمُ: جَوَازُهُ، وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ كَالسَّفَرِ بَعْدَ زَوَالٍ.

وَأَمَّا مَذْهَبُ مالك، فَقَالَ صَاحِبُ " التَّفْرِيعِ ": وَلَا يُسَافِرُ أَحَدٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَافِرَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَالِاخْتِيَارُ: أَنْ لَا يُسَافِرَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ حَاضِرٌ حَتَّى يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ.

وَذَهَبَ أبو حنيفة إِلَى جَوَازِ السَّفَرِ مُطْلَقًا، وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي " الْإِفْرَادِ " مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «مَنْ سَافَرَ مِنْ دَارِ إِقَامَتِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دَعَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا يُصْحَبَ فِي سَفَرِهِ» ) . وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ.

وَفِي " مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ " مِنْ حَدِيثِ الحكم عَنْ مقسم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ( «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فِي سَرِيَّةٍ، فَوَافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: فَغَدَا أَصْحَابُهُ، وَقَالَ أَتَخَلَّفُ وَأُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَغْدُوَ مَعَ أَصْحَابِكَ؟ فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ مَعَكُ ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَقَالَ: " لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ مَا أَدْرَكْتَ فَضْلَ غَدْوَتِهِمْ» ) .

وَأُعِلَّ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَنَّ الحكم لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مقسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>