يَكُونَ فَرْضَ عَيْنٍ كَالْجُمُعَةِ، وَأَنْ يَكُونَ فَرْضَ كِفَايَةٍ، فَإِنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ يَجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ، كَفَرْضِ الْأَعْيَانِ سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ بِسُقُوطِهِ عَنِ الْبَعْضِ بَعْدَ وُجُوبِهِ بِفِعْلِ الْآخَرِينَ.
الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ فِيهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي يُقْصَدُ بِهَا الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ وَتَمْجِيدِهِ، وَالشَّهَادَةُ لَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرِّسَالَةِ، وَتَذْكِيرِ الْعِبَادِ بِأَيَّامِهِ، وَتَحْذِيرِهِمْ مِنْ بَأْسِهِ وَنِقْمَتِهِ، وَوَصِيَّتِهِمْ بِمَا يُقَرُّبُهُمْ إِلَيْهِ وَإِلَى جِنَانِهِ، وَنَهْيِهِمْ عَمَّا يُقَرِّبُهُمْ مِنْ سُخْطِهِ وَنَارِهِ، فَهَذَا هُوَ مَقْصُودُ الْخُطْبَةِ وَالِاجْتِمَاعِ لَهَا.
الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي يُسْتَحَبُّ أَنْ يُتَفَرَّغَ فِيهِ لِلْعِبَادَةِ، وَلَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ مَزِيَّةٌ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ وَاجِبَةٍ وَمُسْتَحَبَّةٍ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ لِأَهْلِ كُلِّ مِلَّةٍ يَوْمًا يَتَفَرَّغُونَ فِيهِ لِلْعِبَادَةِ وَيَتَخَلَّوْنَ فِيهِ عَنْ أَشْغَالِ الدُّنْيَا، فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمُ عِبَادَةٍ، وَهُوَ فِي الْأَيَّامِ كَشَهْرِ رَمَضَانَ فِي الشُّهُورِ، وَسَاعَةُ الْإِجَابَةِ فِيهِ كَلَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي رَمَضَانَ. وَلِهَذَا مَنْ صَحَّ لَهُ يَوْمُ جُمُعَتِهِ وَسَلِمَ سَلِمَتْ لَهُ سَائِرُ جُمْعَتِهِ، وَمَنْ صَحَّ لَهُ رَمَضَانُ وَسَلِمَ سَلِمَتْ لَهُ سَائِرُ سَنَتِهِ، وَمَنْ صَحَّتْ لَهُ حَجَّتُهُ وَسَلِمَتْ لَهُ، صَحَّ لَهُ سَائِرُ عُمْرِهِ، فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ مِيزَانُ الْأُسْبُوعِ، وَرَمَضَانُ مِيزَانُ الْعَامِ، وَالْحَجُّ مِيزَانُ الْعُمْرِ. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْأُسْبُوعِ كَالْعِيدِ فِي الْعَامِ، وَكَانَ الْعِيدُ مُشْتَمِلًا عَلَى صَلَاةٍ وَقُرْبَانٍ، وَكَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ صَلَاةٍ، جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ التَّعْجِيلَ فِيهِ إِلَى الْمَسْجِدِ بَدَلًا مِنَ الْقُرْبَانِ، وَقَائِمًا مَقَامَهُ فَيَجْتَمِعُ لِلرَّائِحِ فِيهِ إِلَى الْمَسْجِدِ الصَّلَاةُ، وَالْقُرْبَانُ كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( «مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ» ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute