للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا أَجْزَاءٌ مِنَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي مَذْهَبِ مالك، وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِحُجَّتَيْنِ. إِحْدَاهُمَا: أَنَّ الرَّوَاحَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَهُوَ مُقَابِلُ الْغُدُوِّ الَّذِي لَا يَكُونُ إِلَّا قَبْلَ الزَّوَالِ قَالَ تَعَالَى: {وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ: ١٢] [سَبَأٍ: ١٢] . قَالَ الجوهري: وَلَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ.

الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ، وَلَمْ يَكُونُوا يَغْدُونَ إِلَى الْجُمُعَةِ مِنْ وَقْتِ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَأَنْكَرَ مالك التَّبْكِيرَ إِلَيْهَا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَقَالَ لَمْ نُدْرِكْ عَلَيْهِ أَهْلَ الْمَدِينَةِ.

وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِحَدِيثِ جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ( «يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَاعَةً» ) ". قَالُوا: وَالسَّاعَاتُ الْمَعْهُودَةُ هِيَ السَّاعَاتُ الَّتِي هِيَ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَاعَةً، وَهِيَ نَوْعَانِ: سَاعَاتٌ تَعْدِيلِيَّةٌ وَسَاعَاتٌ زَمَانِيَّةٌ، قَالُوا: وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بَلَغَ

<<  <  ج: ص:  >  >>