بِالسَّاعَاتِ إِلَى سِتٍّ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَتِ السَّاعَةُ أَجْزَاءً صِغَارًا مِنَ السَّاعَةِ الَّتِي تُفْعَلُ فِيهَا الْجُمُعَةُ لَمْ تَنْحَصِرْ فِي سِتَّةِ أَجْزَاءٍ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهَا السَّاعَاتِ الْمَعْهُودَةَ، فَإِنَّ السَّاعَةَ السَّادِسَةَ مَتَى خَرَجَتْ وَدَخَلَتِ السَّابِعَةُ خَرَجَ الْإِمَامُ وَطُوِيَتِ الصُّحُفُ وَلَمْ يُكْتَبْ لِأَحَدٍ قُرْبَانٌ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي " سُنَنِ أبي داود " مِنْ حَدِيثِ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ غَدَتِ الشَّيَاطِينُ بِرَايَاتِهَا إِلَى الْأَسْوَاقِ فَيَرْمُونَ النَّاسَ بِالتَّرَابِيثِ أَوِ الرَّبَائِثِ، وَيُثَبِّطُونَهُمْ عَنِ الْجُمُعَةِ، وَتَغْدُو الْمَلَائِكَةُ فَتَجْلِسُ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ فَيَكْتُبُونَ الرُّجُلَ مِنْ سَاعَةٍ، وَالرُّجُلَ مِنْ سَاعَتَيْنِ حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ» ) .
قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: أَرَادَ السَّاعَاتِ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَفَائِهَا، وَالْأَفْضَلُ عِنْدَهُمُ التَّبْكِيرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وأبي حنيفة وَالشَّافِعِيِّ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ بَلْ كُلُّهُمْ يَسْتَحِبُّ الْبُكُورَ إِلَيْهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلَوْ بَكَّرَ إِلَيْهَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ كَانَ حَسَنًا. وَذَكَرَ الأثرم قَالَ: قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: لَا يَنْبَغِي التَّهْجِيرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَاكِرًا، فَقَالَ: هَذَا خِلَافُ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ ذَهَبَ فِي هَذَا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " كَالْمُهْدِي جَزُورًا ". قَالَ: وَأَمَّا مالك فَذَكَرَ يحيى بن عمر عَنْ حرملة أَنَّهُ سَأَلَ ابن وهب عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ السَّاعَاتِ: أَهْوَ الْغُدُوُّ مِنْ أَوَّلِ سَاعَاتِ النَّهَارِ، أَوْ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا الْقَوْلِ سَاعَاتِ الرَّوَاحِ؟ فَقَالَ ابن وهب: سَأَلْتُ مالكا عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute